[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  قالَ الشَّاعِرُ: [الرجز]
  يَسأَلانِي عَن بَعْلِهَا أَيُّ فَتَى
  خِبُّ جَبَانٌ وَإِذَا جَاعَ بَكَى
  أي: هو حِبُّ جَبانٌ، وأَيُّ فَتًى، قال تعالى وهو أصدَقُ قَائِل:
  {بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ}[الحج: ٧٢]، أي: هي النَّارُ، هَكَذَا حَكَاهُ بَعضُ النَّحْويين.
  قالَ الزَّمخشَرِيُّ |: موضعُ الباءِ نَصبٌ، والفعلُ النَّاصِبُ له مُقَدَّرُ بعدَهُ، والتقدير: بسم الله أقرأُ أو أتلُو، على معنى: مُتَبَرِّكًا باسم اللهِ أقرأُ أَو أَتْلُو. قال: ونَظِيرُهُ فِي حذف متعلَّقِ الْجَارٌ قَولُهُ ø: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}[النمل: ١٢]، أي: اذهَبْ فِي تِسْعِ آيَاتٍ، فقال: وإِنَّما قَدَّرتُ المحذُوفَ مُتَأَخِّرًا؛ لأَنَّ الأهم من الفعلِ والمتعلَّقِ بِهِ هُوَ المتعلقُ بِهِ؛ لأنهم كانوا يبدؤون بأسماءِ آلِهَتِهِم، فَيَقُولُونَ: بِسمِ اللاتِ، بسم العُزَّى، فوَجَبَ أن يقصد الموحد مع اختصاص اسم الله بالابتداء، وذلك بتقديمِهِ وتأخير الفعل، كما فعلَ في قَولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة: ٥]، حَيثُ صَرْحَ بتقديم الاسم إرادة الاختصاص، قال: والدَّليلُ عليه قَولُهُ: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}[هود: ٤١].
  فإن قيل: فقد قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}[العلق: ١]، فقدَّمَ الفعل؟ قُلْنَا: هناك تقديمُ الفعل أوقَعُ؛ لأنَّها أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ، فكان الأمرُ بالقِراءةِ أَهَمَّ.