إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على الفاتحة وإعرابها]

صفحة 57 - الجزء 1

  قالَ الشَّاعِرُ: [الرجز]

  يَسأَلانِي عَن بَعْلِهَا أَيُّ فَتَى

  خِبُّ جَبَانٌ وَإِذَا جَاعَ بَكَى

  أي: هو حِبُّ جَبانٌ، وأَيُّ فَتًى، قال تعالى وهو أصدَقُ قَائِل:

  {بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ}⁣[الحج: ٧٢]، أي: هي النَّارُ، هَكَذَا حَكَاهُ بَعضُ النَّحْويين.

  قالَ الزَّمخشَرِيُّ |: موضعُ الباءِ نَصبٌ، والفعلُ النَّاصِبُ له مُقَدَّرُ بعدَهُ، والتقدير: بسم الله أقرأُ أو أتلُو، على معنى: مُتَبَرِّكًا باسم اللهِ أقرأُ أَو أَتْلُو. قال: ونَظِيرُهُ فِي حذف متعلَّقِ الْجَارٌ قَولُهُ ø: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}⁣[النمل: ١٢]، أي: اذهَبْ فِي تِسْعِ آيَاتٍ، فقال: وإِنَّما قَدَّرتُ المحذُوفَ مُتَأَخِّرًا؛ لأَنَّ الأهم من الفعلِ والمتعلَّقِ بِهِ هُوَ المتعلقُ بِهِ؛ لأنهم كانوا يبدؤون بأسماءِ آلِهَتِهِم، فَيَقُولُونَ: بِسمِ اللاتِ، بسم العُزَّى، فوَجَبَ أن يقصد الموحد مع اختصاص اسم الله بالابتداء، وذلك بتقديمِهِ وتأخير الفعل، كما فعلَ في قَولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}⁣[الفاتحة: ٥]، حَيثُ صَرْحَ بتقديم الاسم إرادة الاختصاص، قال: والدَّليلُ عليه قَولُهُ: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}⁣[هود: ٤١].

  فإن قيل: فقد قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}⁣[العلق: ١]، فقدَّمَ الفعل؟ قُلْنَا: هناك تقديمُ الفعل أوقَعُ؛ لأنَّها أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ، فكان الأمرُ بالقِراءةِ أَهَمَّ.