إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على الفاتحة وإعرابها]

صفحة 58 - الجزء 1

  فإن قيلَ: فَكَيفَ قالَ اللهُ مُتبركا باسم الله اقرأ؟ قُلْنَا: هَذَا مَقُولٌ عَلَى ألسِنَةِ العِبَادِ، كَما يَقُولُ الرَّجُلُ الشِّعرَ على لِسانِ غَيْرِهِ، وَكَذَلكَ قَولُهُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}⁣[الفاتحة]، إلى آخِرِهِ، وكَثيرٌ من القُرآنِ على هَذَا المنهاج، ومعناهُ تَعلِيمُ عِبادِهِ كَيْفَ يَتَبَرَّكُونَ باسمه، وكَيْفَ يَحْمَدُونَهُ ويُمَجِدونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الكَشَّافِ.

  والاسمُ من الأسماء التي حُذفَ بعض حُرُوفِها، وهو: إمَّا اللام وأصله سمو، أو الفاءُ وأصلُهُ وَسْمٌ، على الخِلافِ بينَ أهل البصرة والكوفة. فإِنْ قِيلَ: فَلِمَ حُذفت الألفُ في الخَطُّ، وأُثْبَتَتْ في قوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ}⁣[العلق: ١]، قُلنا: قد ابْتَغُوا فِي حَذفِها حُكمَ الدَّرج دُونَ الابتداءِ الَّذِي عَلَيهِ الخط؛ لكثرة الاستعمال،

  وقَالُوا: طُولَت الباء تعويضًا مَن طَرح الألفِ.

  وعَن عُمَرَ بن عبد العزيز أنه قال لكاتبه: طَوّل البَاءَ، وأظهر السيناتِ، وَدَوَّر الميم.

  ولَفظُ (الله) مَجرُورٌ بإضافَةِ الاسم إليه، وأصله باسم الإِلَهِ، قالَ عبد اللهِ بنُ رواحة: [مشطور الرّجز]

  باسْمِ الإِلَهِ وَبِهِ بَدَيْنَا

  وَلَو عَبَدْنَا غَيْرَهُ شَقِيْنَا

  وَحَبَّ ذَا رَبَّا وَحَبَّ دِيْنَا