[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  وأما قولُ بَنِي حَنِيفَةَ فِي مُسَيلمةَ: رحمان اليمامة، وقول شاعرهم:
  ........................... ... وَأَنتَ غَيْثُ الوَرَى لَا زِلْتَ رَحْمَانَا
  فَبَابٌ من تَعَنِّتِهِم في كفرهم.
  فإن قيل: ما معنى وصف الله بالرَّحمة، ومعناها العطف والحنو؟ قلنا: هو مجاز عن إنعامه على عباده. والرحمن من المجاز الذي لم يُستعمل في حقيقته، ذكره ابنُ الحاجب.
  فإن قِيلَ: لَم قدّمَ مَا هُوَ أبلغ من الوَصفَين على مَا هُوَ دُونَهُ، والقِياسُ التَّرَقِّي من الأدنى إلى الأعلى، كَقَولِهِم: فُلانٌ عالم تحريرٌ، وشُجاعٌ باسِلٌ، وجَوادٌ فياض؟ قلنا: لما قالَ: {الرَّحْمَنِ} فتناولَ جَلائِلَ النِّعم وعظائِمَهَا وأَصُوهَا أَردَفَهُ {الرَّحِيمِ ١} كالتَّتمَّةِ والرَّدِيفِ لِيَتناوَلَ مَا دَقَ مِنْهَا وَلَطُفَ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الكَشَّافِ. وقِيلَ: إِنَّما قَدَّمَ {الرَّحْمَنِ} لأنَّه اسمٌ خَاصٌّ اللهِ ø، و {الرَّحِيمِ ١} اسمٌ مُشتَرَكَ، يُقالُ: رَجُلٌ رَحِيمٌ، ولا يُقالُ: رَجُلٌ رَحَمَنُ، قَدَّمَ الخَاصَّ على العام.
  قالَ ابنُ خَالَوَيْهِ: ليس في كلام العَرَب اسمٌ جاءَ عَلى رَحِيمِ وَرَحَمَنَ وَرَاحِمِ إِلا سَلِيمٌ وسَلَمَانُ وسالم، ونَدِيمٌ ونَدَمَانُ وَنَادِمٌ، وَحَمِيدٌ وحَدَانُ وحَامِدٌ.
  {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢}[الفاتحة]، أي: الثَّناءُ الحَسَنُ، والوَصفُ الجَمِيلُ يَختَصُّ بِهِ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فـ {الْحَمْدُ} مَرفُوعٌ بِالابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ الْجَارُّ