[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣}[الفاتحة]، أي: المحسِنُ على عِبادِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وهُمَا صِفَتانِ للهِ تعالى، وقد تَقَدَّمَ مَا يَتَعلَقُ بها من الكلام. فَإِنْ قِيلَ: إِذَا جُعِلَت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١} آيةٌ من الفَاتِحَةِ، فَمَا وَجَهُ التَّكْرِيرِ؟ قُلْنَا: إِنَّ الْآيَةَ إِذَا ذُكِرَتَ مَعَ زِيادَةِ فَائِدَةٍ لَمْ تُسَمَّ تَكْرَارًا.
  {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤}[الفاتحة]، أي: المالك للأمر يومَ الجَزاء، وهو صفةُ ذاتِ عِندَنَا بمعنى القادر.
  وقالَ البَلَخِي: إِنَّهُ صِفةُ فِعل بمعنى التصرف، وتَفصِيلُ الكلامِ فِي ذَلِكَ، وَبَيَانُ الحَقِّ فِيهِ مَذْكُورٌ فِي مَواضِعِهِ مِن كُتُبِ الكَلامِ.
  و {مَلِكِ} مجرورٌ صفة الله تعالى.
  و {يَوْمِ} مَجرُورٌ بإضافة (ملك) إليه.
  و {الدِّينِ ٤} مَجرُورٌ بإضافةِ {يَوْمِ} إِليهِ.
  وقُرِئَ أيضًا {مَالِكِ} و {مَلْكِ} بِتَخفِيفِ اللام، وقَرَأَ أَبو حَنِيفَةَ {مَلَكَ يَوْمَ الدِّينِ} بلفظ الفِعلِ ونَصْبِ اليوم، وقَرَأَ أبو هُرَيرَةً {مَالِكَ} بالنَّصب، وقَرَأَ غيرُهُ {مَلِكَ} وهو نَصبٌ على المدح، ومنهُم مَن قَرَأَ {مَالِكُ} بِالرَّفع، هَكَذَا ذَكَرَهُ في الكَشَّافِ، قالَ: و {مَلِكِ} هو الاختيارُ؛ لأَنَّهُ قِرَاءَةُ أَهلِ الْحَرَمَينِ،