إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على الفاتحة وإعرابها]

صفحة 66 - الجزء 1

  {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣}⁣[الفاتحة]، أي: المحسِنُ على عِبادِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وهُمَا صِفَتانِ للهِ تعالى، وقد تَقَدَّمَ مَا يَتَعلَقُ بها من الكلام. فَإِنْ قِيلَ: إِذَا جُعِلَت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١} آيةٌ من الفَاتِحَةِ، فَمَا وَجَهُ التَّكْرِيرِ؟ قُلْنَا: إِنَّ الْآيَةَ إِذَا ذُكِرَتَ مَعَ زِيادَةِ فَائِدَةٍ لَمْ تُسَمَّ تَكْرَارًا.

  {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤}⁣[الفاتحة]، أي: المالك للأمر يومَ الجَزاء، وهو صفةُ ذاتِ عِندَنَا بمعنى القادر.

  وقالَ البَلَخِي: إِنَّهُ صِفةُ فِعل بمعنى التصرف، وتَفصِيلُ الكلامِ فِي ذَلِكَ، وَبَيَانُ الحَقِّ فِيهِ مَذْكُورٌ فِي مَواضِعِهِ مِن كُتُبِ الكَلامِ.

  و {مَلِكِ} مجرورٌ صفة الله تعالى.

  و {يَوْمِ} مَجرُورٌ بإضافة (ملك) إليه.

  و {الدِّينِ ٤} مَجرُورٌ بإضافةِ {يَوْمِ} إِليهِ.

  وقُرِئَ أيضًا {مَالِكِ} و {مَلْكِ} بِتَخفِيفِ اللام، وقَرَأَ أَبو حَنِيفَةَ {مَلَكَ يَوْمَ الدِّينِ} بلفظ الفِعلِ ونَصْبِ اليوم، وقَرَأَ أبو هُرَيرَةً {مَالِكَ} بالنَّصب، وقَرَأَ غيرُهُ {مَلِكَ} وهو نَصبٌ على المدح، ومنهُم مَن قَرَأَ {مَالِكُ} بِالرَّفع، هَكَذَا ذَكَرَهُ في الكَشَّافِ، قالَ: و {مَلِكِ} هو الاختيارُ؛ لأَنَّهُ قِرَاءَةُ أَهلِ الْحَرَمَينِ،