[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  ولقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦]، ولقوله: {مَلِكِ النَّاسِ ٢}[الناس] ولأنَّ المُلْكَ يَعُمُّ، والمِلْكَ يَخُصُّ.
  و {يَوْمِ الدِّينِ ٤} يومُ الجَزَاءِ، ومنهُ قَوهُم: «كما تدين تدان»، أي: كَمَا تَفْعَلُ يُفْعَلُ بكَ، قال الشَّاعِرُ: [الكامل]
  وَاعْلَمْ وَأَيْقِنْ أَنَّ مُلْكَكَ زَائِلٌ ... وَاعْلَمْ بَأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ
  وأرَادَ باليوم الوَقتَ؛ لأنّه لا شَمسَ، ولا لَيلَ فِي الآخِرَةِ، ولـ {الدِّينِ ٤} مَعَانِ أُخَرُ لِيسَ هَذَا مَوضِعَ ذِكرِهَا.
  فإن قيل: ما هي هذه الإضافةُ فِي {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}؟
  قلْنَا: هي إضافة اسم الفاعل إلى الطَّرفِ على طريق الاتساع، مُجرى مجرى المفعول به، كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار والمعنى على الظرفية. ومعناه: مالك الأمر كله في يوم الدين، كقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}[غافر: ١٦].
  فإن قلت: فإضافة اسم الفَاعِل غَيْرُ حَقِيقيّةٍ فَلا تَكونُ مُعطِيةٌ مَعنَى التَّعريف، فكيفَ سَاغَ وُقُوعُهُ صِفةٌ لِلمَعرِفَةِ؟
  قُلتُ: إنَّما تكونُ غيرَ حَقيقيّةٍ إِذَا أُريدَ باسم الفَاعِل الحَالُ والاستقبال، فكان في تقدير الانفِصَالِ، كقولك: مالك السَّاعَةَ، أَو غَدًا، فَأَمَّا إِذا قُصِدَ معنَى الماضي، كقولك: هُوَ مَالِكُ عَبدِهِ أَمْس، أو زَمان مُستَمِرٌّ، كقولك: زِيدٌ مَالَكُ العبيد، كانت