[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  قلنا: قد أجاب في الكشَّافِ عن هَذَا السُّؤَالِ بوجهين:
  أحدهما: أنّ الّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ لا تَوقِيتَ فِيهِ، فَهُوَ كَقَولِهِ: [الكامل] و
  لَقَدْ أَمَرُّ عَلَى اللئيم يسبني ... ..........................
  وثانيهما: أنّ المغضوبَ عَلَيهِم والضَّالِّينَ خِلافُ المُنْعَم عَلَيْهِم، فليس في (غَير) إذن الإبهام الذي يأبى عَلَيْهِ أَن يَتَعَرَّفَ بمَعنَى أَنَّ (غَيرِ) إِنَّمَا يَكُونُ اسما غَيْرَ قابل لِلتَّعريف في مِثل قَولِكَ: رَأيتُ رجُلاً غَيرَكَ، وأمّا في مثل قَولِكَ: الحَرَكَةُ غَيْرُ السُّكُونِ فَإِنَّهُ يَتَعَرَّفُ؛ لأنه لا يُزَاحِمُهُ غير ضدّه، و {غَيْرِ}[في] الآية الكريمة من هذا القبيل؛ لأنه ليس مَن ¤ ضِدٌ غير المغضُوبِ عَلَيهِم.
  وقيل: هذا منقُوضٌ بِقَولِهِ تعالى: {نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}[فاطر: ٣٧]، مع أن معنَى {غَيْرَ [الَّذِي] كُنَّا نَعْمَلُ} الصَّلاحُ؛ لأَنْ عَمَلَهُم كان فَسَادًا، ويَقُولُ الشَّاعِرُ: [الكامل]
  إن قُلتَ خيرا قال شرًا غيرَهُ ... ......................
  قُلنا: قد أوردَ هَذَا ابْنُ السَّرَّاحِ، وليس بقادح؛ لأنَّهُ مَحَمُولٌ عَلَى البَدَلِ لا الصِّفَةِ، أو حُمِلَ (غَيْرُ) عَلَى الأَكثَرِ مَع كَونِهِ صَفَةٌ؛ لأَنَّ الْأَغَلَتْ فِيهِ عَدَمُ التَّحْصِيصِ بِالمُصَافِ إِلَيْهِ.