إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على الفاتحة وإعرابها]

صفحة 85 - الجزء 1

  قال في الكشَّافِ: وقُرِئَ بِالنَّصبِ على الحالِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ورُوِيَتْ عن ابن كثير، وذو الحال الضمير في {عَلَيْهِمْ}، والعامل (أَنْعَمْتَ).

  قيل: و {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} هُم اليَهُودُ؛ لقوله تعالَى: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ}⁣[المائدة: ٦٠]، والضَّالُونَ هُم النَّصَارَى؛ لقوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ}⁣[المائدة: ٧٧]، ومعنى غضب الله تعالى إرادة الانتقام منَ العُصاةِ، وإنزَالُ العُقُوبَةِ بهم، وأن يَفْعَلَ بِهِم مَا يَفْعَلُهُ المَلِكُ إِذَا غَضِبَ عَلَى مَن تَحْت يَدِهِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِن غَضَبِهِ وَنَسْأَلُهُ رِضَاهُ وَرَحْمَتَهُ.

  فإن قيل: لَم لَمْ يَجْمَعْ فَيَقُول: غَيرِ المَغضُوبِينَ؟

  قلنا: إِنَّ الفَعَلَ ونَحوَهُ إِذَا لَم يَسْتَتِرْ فِيهِ الضَّمِيرُ كَانَ مُؤَخَّرًا، وَالتَّقْدِيرُ: صِرَاطَ غَيْرِ الَّذِينَ غَضِبَ عَلَيْهِم.

  فإِن قِيلَ: وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ {عَلَيْهِمْ} الأولى والثانية؟

  قلنا: الأُولَى مَحَلُّهَا النَّصِبُ عَلَى المَفعُولية.

  والثَّانِيةُ مَحَلُّهَا الرَّفْعُ عَلَى الفَاعِلِيةِ.

  وإنما دخلت (لا) في {وَلَا الضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة] لَمَا فِي {غَيْرِ} مِن مَعنَى النَّفْيِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لا المَغْضُوبِ عَلَيهِم وَلَا الضَّالِّينَ.

  وتقول: أنَا زَيْدًا غَيْرَ ضَارِب، معَ امتناع قَولِكَ أَنَا زَيدًا مِثْلَ ضَارِبٍ؛ لأنه بمنزلة قولك: أنا زيدًا لا ضَارب.