[الكلام على سورة الإخلاص وإعرابها]
  وبَينَ الاسم والخَبَرِ أيضًا تَقدِيمٌ وتأخِيرٌ، والأصلُ أَحَدٌ كُفُوًا، فَأَخَرَ (أَحَدٌ) للفاصلة.
  هَذَا وقد حَكَى ابنُ خَالَوَيهِ عن بَعضِهم: أَنْ (كُفُوًا) مُنتَصِبٌ على الحال، ومَعْنَاهُ التَّقدِيمُ والتَّأْخِيرُ، تَقدِيرُهُ في الأصل: (وَلَم يَكُن أَحَدٌ لَهُ كُفُو) بِالرَّفع، فَلَمَّا تَقَدَّمَ نَعتُ النَّكِرَةِ على المَنعُوتِ نُصِبَ على الحَالِ، كَمَا تَقُولُ: (عِندِي غُلامٌ ظَرِيفٌ، وعندي ظَرِيفًا غُلامٌ)، فَعَلَى هَذَا المَذهَب لا يرد السؤال المذكور؛ لأنَّ الظَّرفَ المُقَدَّمَ ليس بلغو حينئذ، بل خَيرٌ لـ (كَانَ).
  وقُرِئَ (كُفُوًا) بِضَمِّ الكَافِ والفَاءِ، وَبِضَمِّ الكَافِ وَكَسِرِهَا مَعَ سُكُونِ الفَاءِ. ذكَرَ فِي الكَشَّافِ أَنْهُم سَأَلُوا النَّبِيَّ ÷ أَنْ يَصِفَ هُم رَبَّهُ، فَأُوحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مَا يحتوي على صِفَاتِهِ، فقوله: (هُوَ اللهُ) إِشَارَةٌ لهُم إِلَى مَن هُوَ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَفَاطِرُهَا، وفِي طَيْ ذَلِكَ وَصَفُهُ بِأَنْهُ قَادِرٌ عَالم؛ لأَنَّ الخَلَقَ يَستَدعِي القُدرَةَ وَالعِلْمَ، لِكُونِهِ وَاقِعًا علَى غَايَةِ إِحكام وَاتِّساق وانتِظَام. وفي ذَلِكَ وَصِفُهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ سَمِيعٌ بَصِيرٌ.
  وقَولُهُ: (أَحَدٌ) وَصْفٌ لَهُ بِالوَحدَانِيَةِ وَنَفْيُّ الشُّرَكَاءِ.
  وقَولُهُ: (الصَّمَدُ) وَصْفٌ بَأنَّهُ لَيسَ إِلا مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إِلا مُحْتَاجًا إِلَيهِ: فهِيَ عَنِّى، وفِي كَونِهِ غَنِيا مَعَ كَونِهِ عَالِمَا، أَنَّهُ عَدْلٌ غَيْرُ فَاعِلِ القَبَائِحَ؛ لِعِلمِهِ بِقُبِحِ القبيح، وعلمه بعْنَاهُ عَنْهُ.
  وقَولُهُ: (لَمْ يَلِدْ) نَفِي لِلشَّبِيهِ وَالْمُجَانَسَةِ.