[الكلام على أذكار الركوع والانتقال والسجود وإعرابها]
[الكلامُ عَلَى أَذْكَارِ الرُّكُوع والانتِقَالِ والسُّجُودِ وإِعْرَابُهَا]
  فإذا فرغ المصلي من تِلاوَةِ الآياتِ المفرُوضَةِ مع الفاتِحَةِ نَوَى أَن يُطَأْطِئ عُنقه بالركوع التّامّ خُضوعًا لِخَالِقِهِ، فإذا نَوَى المُصَلِّي ذلكَ كَبَّرَ للانتِقَالِ إِلَيْهِ فَقال: (الله أكبَرُ)، أي: الإله الذي أريدُ الخُضُوعَ لَهُ أَكْبَرُ مِن كُلِّ مَا يَكْبُرُ فِي النَّفُوسِ، ثُمَّ يَركَعُ ويَطْمَئِنَ ويُطَاطِئُ ظَهِرَهُ، قابضًا على رُكَبَتَيهِ، ثُمَّ يَأْتي بالتسبيح والتَّعظِيم والحَمدِ، فيقول: (سُبحانَ اللهِ العَظِيمِ)؛ قاصدًا بِذَلكَ بَرَاءَةَ اللَّهِ تعالى من كُلِّ سُوءٍ؟ لأجل عَظَمَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: (وَبِحَمدِهِ)، أي: خَضَعْتُ اللَّهِ بِأَن أَتيتُهُ بتنزيهِهِ وتَعظِيمِهِ وتحميده. هكذا قدره الإمام المهدي # في كتاب (حياة القلوب).
  وقال في (البحر): ومعنى (وَبِحَمدِهِ) أي: نسبّحه بتعظيمه وبحمده، فَجَعَلَ حرف الجر، على تقدير (البحر) مُتعلّقا بـ (نسبّحه)، وعلى التقدير الأوّل مُتعلّقًا بـ (أتَيْتُه) المقدر، والمعنى في ذلك مُتَقارب.
  و (سُبحانَ) لا يَنصَرِفُ، أي: لا يُستَعمَلُ إلا مَنصُوبًا على المَصدَرِيَّةِ، ولا يُستَعمَلُ إلا مُضَافًا في اللغة الفصيحة. ومَعنَى (سُبحانَ اللهِ) سَبَّحْتُهُ تَسبيحًا، بِمَعْنَى نَزَّهتُهُ تنزيها، أي بِمَعنَى قُلتُ: سُبحانَ اللهِ، وعن أبي العباس: أَنزَهُهُ من السوء بَرَاءَة.
  ولفظ (اللهِ) مجرُورٌ بإضافة (سُبحانَ) إليه. و (العَظِيمِ) مجرُورٌ صفةٌ لـ (اللهِ)، بِمَعنَى: المُختَصّ بِجَمِيع صفاتِ الإلهية، المنزه عما لا يجوز. وَ (حَمدِ) مجرور لفظًا بِالبَاءِ الجارة، وضَمِيرُ اسم الله تعالى مَجْرُورٌ مَحَلاً بإضافَةِ (حَمدِ) إليه، وكُلِّ ذَلكَ واضح، والوَاوُ فِي (وبِحَمْدِهِ) عَاطِفَةٌ، والمَعطُوفُ عَلَيْهِ هو التَّعظِيمُ الْمُقَدَّرُ كَما ذَكَرنَا.