[بعض الشمائل والآداب المحمدية]
  دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحّاش ولا غياب ولا مزّاح، يتغافل عمَا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يجيب فيه، قد منع نفسه من ثلاث: من المراء، والإكثار، ومَا لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيّره، ولا يطلب عثراته.
  لا يتكلم إلاّ فيما رجى ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى كان أصحابه يستجلبونهم.
  وَكَمْ أَرَى رَاجِيَاً مِنْ نَفْسِهِ جَلَدَا
  والرَّاحُ صِفْرٌ فَمَا أَقْفَى بِهِ أَحَدَا
  بِبَعْضِ مَعْرُوفِهِ حَازَ النَّجَا رَجَدَا
  كَمْ أَطْفَأَ اللهُ مِنْ نَارٍ لِغَيرِ هُدَى ... بِنَارِ حَرْبٍ لَظَاهَا فِيهِ تَسْتَعِرُ
  أرى راجياً: أي أظهر لمن جاء يطلب منه معروفاً التجلد والصبر، والراح صفر: أي راحة اليد خالية ليس بها مال. والرجد: الخائف المرتعش.
  فَلَّ الضَّلَالَ وللدِّينِ الحَنِيفِ بَنَا
  وَلَمْ يَذُقْ قَبْلَ تَقْوِيمِ الهُدَى وَسَنَا
  فَأَصْبَحَ الدِّيُن وَضَّاحَاً بِهِ حَسَنَا
  وَكْمْ ظَلَامِ ضَلَالٍ قَدْ جَلَا بِسَنَا ... صَوَارِمٍ بِشَبَاهَا يُقْصَرُ العُمُرُ