[الآيات الحاصلة عند حمله وولادته ورضاعه]
  أعادوه إلى أهله بمكة خوفاً عليه، وحادثة شق الصدر مشهورة، فقد روت حليمة السعدية قالت: لما كان يوماً آخر إذْ أنا بابني ضمرة يعدو باكياً ينادي: أدركا ... أدركا محمداً.
  قالت حليمة: قلت: وما قصته؟ قال: مَا أراكما تلحقانه إلاَّ ميتاً. فأقبلت أنا وأبوه نسعى، فإذا به على ذرْوَة الجبل شاخصاً بعينيه نحو السماء، فقلت: فدتك نفسي ما الذي دهاك؟
  فقال: يا أماه خيراً، بينا أنا قائم مع إخوتي إذ أتاني رَهْط ثلاثة في يد أحدهم إبريق من فضة، وفي يد الثاني طشت من زمردة خضراء، فانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فشقوا من صدري إلى عانتي فلم أجد ألماً ولا حساً، وأخرجوا أحشائي وقلبي وغسلوها ثم أعادوها مكانها ثم جاء أحدهم فأَمَرَّ يده من مفرقي إلى منتهى عانتي فالْتَأم، وانكبوا عليّ يقبلوني ويقبلون رأسي وما بين عيني.
  قالت حليمة: فاحتملته إلى كاهِنٍ، فنظر إلى كفه وقال بأعلى صوته: يا للعرب ياللعرب أبشروا بشر قد اقترب، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فإنه إن أدرك ليسفِّهنّ أحلامكم، وليكذِّبنّ أدْيَانَكم، فانتزعته من يده وأتيت به إلى منزلي. فقال الناس: ردِّيه إلى عبد المطلب، فردته إلى مكة.