إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر

صفحة 116 - الجزء 1

الكلام في بيان أن الإعراض عن المعارضة إنما كان للتعذر

  فإن قيل: ولم ادعيتم أن العرب كفَّت عن معارضة القرءان لتعذرها عليهم، وما أنكرتم أن يكونوا كفوا عنها وتركوها لبعض أغراض كانت لهم، فإن الناس قد تصرفهم الصوارف عن كثير مما يتمكنون من فعله؟

  قيل له: قلنا ذلك لأنهم كفوا عن المعارضة وتركوها وعدلوا عن الاشتغال بها، مع ما كان من النبي ÷ من التحدي لهم على ما بيناه، مع توفر دواعيهم لتوهين أمره، وإظهار ما كانوا يدَّعون من افترائه ÷ وحاشاه من ذلك.

  وقد علمنا: أن العقلاء إذا دُعوا إلى أمر يكرهونه، يهون عليهم لدفعه وإبطاله بذلُ أموالهم وأنفسهم، وكان من يدعوهم إلى ذلك يدعوهم لحجة يبرزها ويدعيها، وكانوا متمكنين من إيراد ما يدحضها ويبطلها، ويكشف عن ضعفها ووهنها، من غير ضرر يمسهم، أو مشقة عظيمة تلحقهم، فلا بد من أن يأتوا به، ومتى لم يأتوا به، دل على أنهم غير متمكنين من الاتيان به.

  ألا ترى أن واحدا لو جاء وادعا النبوة في قوم، وهم له كارهون، ولتكذيبه مجتهدون، فقال لهم: معجزي أن مَن كلمته منكم في هذا