الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
  اعلم أن هذا لا يتم إلا بأن نبين جُملا من أقسام الفصاحة، ثم نبين أن نظم القرءان مشتمل عليها، ونبين مزايا القرءان فيها، ونُلحق بذلك ما يكشف عن غرضنا في هذا الباب كشفاً يوضحه، ولا يبقى معه لمرتادِ الحق شبهة، بعون الله ø، وحسن توفيقه.
  اعلم أن أصل الفصاحة هو الإبانة عن المعنى المقصود بحسن البيان. وهذا معنى ما حكى الله ø عن موسى صلى الله عليه: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا}[القصص: ٣٤]، أي: أحسن بيانا.
  فمن أقسام الفصاحة أن يكون الكلام مركبا من اللغات الفاشية في العرب، التي لم يسترذلها أحد منهم، نحو «عنعنة تميم»، و «كشكشة ربيعة»، وذلك أن قوما من تميم تجعل الهمزة المفتوحة عينا، وأنشد الخليل فيه:
  ............................. ... وجيها موشك عن يصدع الكبدا
  أراد: أن يصدع.
  وقوم من ربيعة يقولون للمرأة: عليش، وإليش، وبش. يريدون: عليكِ، وإليكِ، وبكِ. فيجعلون الكاف شينا، وينشدون:
  فعيناش عيناها وجيدش جيدها ... سوى أن عظم الساق منش دقيق