الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم آخر باعتبار آخر

صفحة 200 - الجزء 1

  وهذا يسمّى التشبيه المشروط، ومنها أن يكون كقوله: [البحتري]

  في طلعة البدر شيء من محاسنها ... وللقضيب نصيب من تثنّيها⁣(⁣١)

  وقول ابن بابك:

  ألا يا رياض الحزن من أبرق الحمى ... نسيمك مسروق ووصفك منتحل⁣(⁣٢)

  حكيت أبا سعد؛ فنشرك نشره ... ولكن له صدق الهوى ولك الملل

  وقد يخرج من الابتذال بالجمع بين عدّة تشبيهات، كقوله:

  كأنما يبسم عن لؤلؤ ... منضّد، أو برد، أو أقاح⁣(⁣٣)

  كما يزداد بذلك لطفا وغرابة، كقوله: [امرئ القيس]

  له أيطلا ظبي، وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان، وتقريب تتفل⁣(⁣٤)

  وأما باعتبار أداته فإما مؤكّد، أو مرسل.

  والمؤكد ما حذفت أداته، كقوله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ}⁣[النّمل: الآية ٨٨]، وقوله: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ٤٥ وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ٤٦}⁣[الأحزاب: الآيتان ٤٥، ٤٦]، وقول الحماسي [زياد بن حمل]

  هم البحور عطاء حين تسألهم ... وفي اللقاء إذا تلقى بهم بهم⁣(⁣٥)

  وإلى غير ذلك كما سبق، ومنه نحو قول الشاعر: [ابن خفاجة، إبراهيم بن عبد الله]

  والريح تعبث بالغصون، وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء⁣(⁣٦)

  وقول الآخر يصف القمر لآخر الشهر قبل السّرار: [ابن حمديس]

  كأنما أدهم الإظلام حين نجا ... من أشهب الصّبح ألقى نعل حافره⁣(⁣٧)


(١) البيت من البسيط، وهو للبحتري في ديوانه ٤/ ٢٤١٠.

(٢) البيتان من الطويل، وهما لابن بابك في الإشارات والتنبيهات ص ١٧٩.

(٣) البيت من السريع، وهو للبحتري في ديوانه ١/ ٤٣٥.

(٤) البيت من الطويل، وهو في ديوان امرئ القيس ص ٢١، ولسان العرب (غور)، (تفل)، (رخا)، وتهذيب اللغة ٨/ ١٨١، ومقاييس اللغة ١/ ١١٢، وشرح الأشموني ٣/ ٧٨٣، وتاج العروس (أطل)، (تفل)، والبيت بلا نسبة في تهذيب اللغة ٤/ ٣٠١، وشرح المفصل ٦/ ١١٢.

(٥) البيت من البسيط، وهو لزياد بن حمل في خزانة الأدب ٥/ ٢٥٠.

(٦) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ٨٣.

(٧) البيت من البسيط، وهو لابن حمديس الصقلي في المثل السائر ص ١٢٣.