تقسيم السكاكي للبلاغة
  وقول أبي تمّام:
  ما إن ترى الأحساب بيضا وضّحا ... إلّا بحيث ترى المنايا سودا(١)
  وقوله أيضا في الشيب:
  له منظر في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع(٢)
  وقوله:
  وتنظّري خبب الركاب ينصّها ... محيي القريض إلى مميت المال(٣)
  ودخل في المطابقة ما يخص المقابلة، وهو: أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو معان متوافقة، ثم بما يقابلهما أو يقابلها على الترتيب، والمراد بالتوافق خلاف التقابل.
  وقد تتركب المقابلة من طباق وملحق به.
  مثال مقابلة اثنين باثنين قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً}[التّوبة: الآية ٨٢]، وقول النبي #: «إن الرّفق لا يكون في شيء إلّا زانه، ولا ينزع من شيء إلّا شانه»(٤)، وقول الذبياني: [البيت للنابغة الجعدي]
  فتى تمّ فيه ما يسرّ صديقه ... على أن فيه ما يسوء الأعاديا(٥)
  وقول الآخر:
  فوا عجبا! كيف اتفقنا؟! فناصح ... وفيّ، ومطويّ على الغلّ غادر(٦)
  فإنّ الغلّ ضدّ النّصح، والغدر ضد الوفاء.
  ومثال مقابلة ثلاثة بثلاثة قول أبي دلامة: [زند بن الجوف]
  ما أحسن الدّين والدّنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل!(٧)
(١) البيت من الوافر، وهو في المثل السائر ص ٢٧٧.
(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٣) البيت من الكامل، وهو في مفتاح العلوم ص ١٧٩، ودلائل الإعجاز ص ٧٤.
(٤) أخرجه مسلم في البر حديث ٧٨، وأحمد في المسند ٦/ ١٢٥.
(٥) البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٥١، وللنابغة الجعدي في كتاب الصناعتين ص ٣٣٨.
(٦) البيت لم أجده.
(٧) البيت من الطويل، وهو في تحرير التحبير ص ١٨١.