تقسيم السكاكي للبلاغة
  وقول البحتري:
  وإذا ما رياح جودك هبّت ... صار قول العذول فيها هباء(١)
  ومنه: ردّ العجز على الصدر، وهو في النثر: أن يجعل أحد اللفظين المكررين، أو المتجانسين، أو الملحقين بهما، في أول الفقرة، والآخر في آخرهما، كقوله تعالى: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ}[الأحزاب: الآية ٣٧]. وقولهم: «الحيلة ترك الحيلة»، وكقولهم: سائل اللئيم يرجع ودمعه سائل، وكقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً}[نوح: الآية ١٠]، وكقوله تعالى: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ}[الشّعراء: الآية ١٦٨].
  وفي الشعر: أن يكون أحدهما في آخر البيت، والآخر في صدر المصراع الأول، أو حشوه، أو آخره، أو صدر الثاني.
  فالأول: كقوله:
  سريع إلى ابن العمّ يلطم وجهه ... وليس إلى داعي النّدى بسريع(٢)
  ونحوه قول الآخر:
  سكران: سكر هوى، وسكر مدامة ... أنّى يفيق فتى به سكران؟!(٣)
  والثاني: كقول الحماسي: [الصمة بن عبد الله]
  تمتّع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشيّة من عرار(٤)
  ونحوه قول أبي تمام:
  ولم يحفظ مضاع المجد شيء ... من الأشياء كالمال المضاع(٥)
  والثالث: كقوله أيضا:
  ومن كان بالبيض الكواعب مغرما ... فما زلت بالبيض القواضب مغرما(٦)
(١) البيت من الكامل، ولم أجده في ديوان البحتري.
(٢) البيت من الطويل، وهو للأقيشر الأسدي في تحرير التحبير ١/ ١١٦، والدر النفيس.
(٣) البيت من الكامل، وهو للخليع الدمشقي في يتيمة الدهر ١/ ٢٨٧.
(٤) البيت من الوافر، وهو للصمة بن عبد الله القشيري في لسان العرب (عرر)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١٦٧، ومجمل اللغة ٣/ ٣٧٨، وتاج العروس (عرر).
(٥) البيت من الوافر، وهو في ديوان أبي تمام ٢/ ٢٦٧.
(٦) البيت من الطويل، وهو في ديوان أبي تمام ٣/ ٣٣٦.