الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 294 - الجزء 1

  وقول البحتري:

  وإذا ما رياح جودك هبّت ... صار قول العذول فيها هباء⁣(⁣١)

  ومنه: ردّ العجز على الصدر، وهو في النثر: أن يجعل أحد اللفظين المكررين، أو المتجانسين، أو الملحقين بهما، في أول الفقرة، والآخر في آخرهما، كقوله تعالى: {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ}⁣[الأحزاب: الآية ٣٧]. وقولهم: «الحيلة ترك الحيلة»، وكقولهم: سائل اللئيم يرجع ودمعه سائل، وكقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً}⁣[نوح: الآية ١٠]، وكقوله تعالى: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ}⁣[الشّعراء: الآية ١٦٨].

  وفي الشعر: أن يكون أحدهما في آخر البيت، والآخر في صدر المصراع الأول، أو حشوه، أو آخره، أو صدر الثاني.

  فالأول: كقوله:

  سريع إلى ابن العمّ يلطم وجهه ... وليس إلى داعي النّدى بسريع⁣(⁣٢)

  ونحوه قول الآخر:

  سكران: سكر هوى، وسكر مدامة ... أنّى يفيق فتى به سكران؟!⁣(⁣٣)

  والثاني: كقول الحماسي: [الصمة بن عبد الله]

  تمتّع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشيّة من عرار⁣(⁣٤)

  ونحوه قول أبي تمام:

  ولم يحفظ مضاع المجد شيء ... من الأشياء كالمال المضاع⁣(⁣٥)

  والثالث: كقوله أيضا:

  ومن كان بالبيض الكواعب مغرما ... فما زلت بالبيض القواضب مغرما⁣(⁣٦)


(١) البيت من الكامل، ولم أجده في ديوان البحتري.

(٢) البيت من الطويل، وهو للأقيشر الأسدي في تحرير التحبير ١/ ١١٦، والدر النفيس.

(٣) البيت من الكامل، وهو للخليع الدمشقي في يتيمة الدهر ١/ ٢٨٧.

(٤) البيت من الوافر، وهو للصمة بن عبد الله القشيري في لسان العرب (عرر)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١٦٧، ومجمل اللغة ٣/ ٣٧٨، وتاج العروس (عرر).

(٥) البيت من الوافر، وهو في ديوان أبي تمام ٢/ ٢٦٧.

(٦) البيت من الطويل، وهو في ديوان أبي تمام ٣/ ٣٣٦.