الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 296 - الجزء 1

  والعاشر: كقول امرئ القيس:

  إذا المرء لم يخزن عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بخزّان⁣(⁣١)

  وقول أبي العلاء المعري:

  لو اختصرتم من الإحسان زرتكم ... والعذب يهجر للإفراط في الخصر⁣(⁣٢)

  والحادي عشر: كقول الآخر: [عبد الله بن محمد بن عيينة]

  فدع الوعيد؛ فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذّباب يضير؟!⁣(⁣٣)

  والثاني عشر: كقول أبي تمام:

  وقد كانت البيض القواضب في الوغى ... بواتر فهي الآن من بعده بتر⁣(⁣٤)

  ومنه السجع، وهو: تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد، وهذا معنى قول السكاكي: «الإسجاع في النثر كالقوافي في الشعر».

  وهو ثلاثة أضرب: إن اختلفا في الوزن فهو السجع المطرّف، كقوله تعالى: {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ١٣ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً ١٤}⁣[نوح: الآيتان ١٣ - ١٤].

  وإلا فإن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ، أو أكثر ما فيها، مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن والتّقفية، فهو الترصيع، كقول الحريري: «فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه»، وكقول أبي الفضل الهمذاني: «إن بعد الكدر صفوا، وبعد المطر صحوا»، وقول أبي الفتح البستي: «ليكن إقدامك توكّلا، وإحجامك تأمّلا».

  وإلا؛ فهو السجع المتوازي، كقوله تعالى: {فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ١٣ وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ ١٤}⁣[الغاشية: الآيتان ١٣، ١٤]، وفي دعاء النبي ÷: «اللهم إني أدرأ بك في نحورهم، وأعوذ بك في شرورهم»⁣(⁣٥).


(١) البيت من الطويل، وهو في ديوان امرئ القيس ص ٩٠، وجمهرة اللغة ص ٥٩٦، وأساس البلاغة (خزن)، وهو بلا نسبة في مقاييس اللغة ٢/ ١٧٨.

(٢) البيت من البسيط، وهو في سر الفصاحة ص ٢٦٧، والمصباح ص ١١٤.

(٣) البيت من الكامل، وهو لعبد الله بن محمد بن عيينة المهلبي في معاهد التنصيص ٣/ ٢٢٨.

(٤) البيت من الطويل، وهو في ديوان أبي تمام ٤/ ٨٣.

(٥) الحديث لم أجده بهذا اللفظ في كتب الحديث التي بين يدي.