الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 300 - الجزء 1

  ومنه التشريع، وهو بناء البيت على قافيتين يصح المعنى على الوقوف على كل واحدة منهما، كقول الحريري:

  يا خاطب الدنيا الدّنيّة، إنها ... شرك الرّدى، وقرارة الأكدار⁣(⁣١)

  الأبيات ...

  ومنه لزوم ما لا يلزم، وهو أن يجيء قبل حرف الرّويّ وما في معناه من الفاصلة ما ليس بلازم في مذهب السجع، كقوله تعالى: {فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ٢٠١ وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ٢٠٢}⁣[الأعراف: الآيتان ٢٠١، ٢٠٢]، وقوله [تعالى]: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ٩ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ١٠}⁣[الضّحى: الآيتان ٩ - ١٠].

  وقول الشاعر:

  سأشكر عمرا إن تراخت منيّتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلّت⁣(⁣٢)

  فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النّعل زلّت

  رأى خلّتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتّى تجلّت

  وقول الآخر: [أبو العلاء المعري]

  يقولون: في البستان للعين لذّة ... وفي الخمر والماء الذي غير آسن⁣(⁣٣)

  إذا شئت أن تلقى المحاسن كلّها ... ففي وجه من تهوى جميع المحاسن

  وقد يكون ذلك في غير الفاصلتين أيضا، كقول الحريري:

  «وما اشتار العسل، من اختار الكسل».

  وأصل الحسن في جميع ذلك - أعني القسم اللفظي - كما قال الشيخ عبد القاهر؛ هو أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني؛ فإن المعاني إذا أرسلت على سجيّتها، وتركت وما


(١) البيت من الكامل، وهو في مقامات الحريري ص ١٩٢، والمصباح ص ١٧٦.

(٢) الأبيات من الطويل، والبيت الأول لعبد الله بن الزبير في ملحق ديوانه ص ١٤٢، وخزانة الأدب ٢/ ٢٦٥، ولأبي الأسود الدؤلي أو لمحمد بن سعيد أو لعبد الله بن الزبير في سمط اللآلي ص ١٦٦، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٤٧٤.

(٣) البيتان من الطويل، وهما بلا نسبة في نهاية الأرب ٧/ ١١٣.