الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 299 - الجزء 1

  وهو مما استحسن، حتى إن أكثر الشعر صرّع البيت الأول منه ولذلك متى خالفت العروض الضرب في الوزن جاز أن تجعل موازنة له إذا كان البيت مصرّعا، كقول امرئ القيس:

  ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي ... وهل ينعمن من كان في العصر الخالي⁣(⁣١)؟

  أتى بعروض الطويل: «مفاعيلن» وذلك لا يصح إذا لم يكن البيت مصرّعا، ولهذا خطّئ أبو الطيب في قوله:

  تفكّره علم ومنطقه حكم ... وباطنه دين، وظاهره ظرف⁣(⁣٢)

  ومنه الموازنة، وهي: أن تكون الفاصلتان متساويتين في الوزن دون التقفية، كقوله تعالى: {وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ ١٥ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ١٦}⁣[الغاشية: الآيتان ١٥ - ١٦].

  فإن كان ما في إحدى القرينتين من الألفاظ أو أكثر ما فيها مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن خصّ باسم المماثلة، كقوله تعالى: {وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ١١٨}⁣[الصّافات: الآية ١١٨]، وقول أبي تمام:

  مها الوحش، إلّا أنّ هاتا أوانس ... قنا الخطّ، إلّا أن تلك ذوابل⁣(⁣٣)

  وقول البحتري:

  فأحجم لمّا لم يجد فيك مطعما ... وأقدم لمّا لم يجد عنك مهربا⁣(⁣٤)

  ومنه القلب، كقولك: أرض خضراء، وقول عماد الدين الكاتب للقاضي الفاضل: «سر فلا كبا بك الفرس» وجواب القاضي: «دام علا العماد»، وقول القاضي الأرجاني:

  مودّته تدوم لكل هول ... وهل كلّ مودته تدوم؟⁣(⁣٥)

  وفي التنزيل: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}⁣[الأنبياء: الآية ٣٣]، وفيه: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣}⁣[المدثّر: الآية ٣].


(١) البيت من الطويل، وهو في ديوان امرئ القيس ص ٢٧، وجمهرة اللغة ص ١٣١٩، وخزانة الأدب ١/ ٦٠، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤٠، والكتاب ٤/ ٣٩.

(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ١/ ١٥١.

(٣) البيت من الطويل، وهو في ديوان أبي تمام ٣/ ١١٦.

(٤) البيت من الطويل، وهو في ديوان البحتري ١/ ٢٠٠.

(٥) البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ١١٩.