الفصل الأول القول في السرقات الشعرية وما يتصل بها
  محبك حيثما اتّجهت ركابي ... وضيفك حيث كنت من البلاد
  وإن كان المأخوذ المعنى وحده سمّي إلماما وسلخا، وهو ثلاثة أقسام كذلك: أولها: كقول البحتري:
  تصدّ حياء أن تراك بأوجه ... أتى الذّنب عاصيها، فليم مطيعها(١)
  وقول أبي الطيب:
  وجرم جرّه سفهاء قوم ... وحلّ بغير جارمه العذاب(٢)
  فإن بيت أبي الطيب أحسن سبكا، وكأنه اقتبسه من قوله تعالى: {أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا}[الأعراف: الآية ١٥٥].
  وكقول الآخر:
  ولست بنظّار إلى جانب الغنى ... إذا كانت العلياء في جانب الفقر(٣)
  وقول أبي تمام بعده:
  يصدّ عن الدنيا إذا عنّ سودد ... ولو برزت في زيّ عذراء ناهد(٤)
  فبيت أبي تمام أخصر وأبلغ؛ لأن قوله: «ولو برزت في زي عذراء ناهد» زيادة حسنة.
  وكقول أبي تمام:
  هو الصّنع؛ إن يجعل فخير، وإن يرث ... فللرّيث في بعض المواضع أنفع(٥)
  وقول أبي الطيب:
  ومن الخير بطء سيبك عنّي ... أسرع السحب في المسير الجهام(٦)
  فبيت أبي الطيب أبلغ؛ لاشتماله على زيادة بيان.
  وثانيها: كقول بعض الأعراب:
(١) البيت من الطويل، وهو في ديوان البحتري ٢/ ١٣٠١.
(٢) البيت من الوافر، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ١٣٦.
(٣) البيت من الطويل، وهو لأبي سعيد المخزومي في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ٧٢، ولأبي علي الحسن في شرح عقود الجمان ١/ ٢١٨.
(٤) البيت من الطويل، وهو في ديوان أبي تمام ١/ ٣١٧.
(٥) البيت من الطويل، وهو في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ١٢٣.
(٦) البيت من الخفيف، وهو في ديوان المتنبي ١/ ٢١٠.