الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

الفصل الثاني

صفحة 323 - الجزء 1

  زمّوا الجمال؛ فقل للعاذل الجاني: ... لا عاصم اليوم من مدرار أجفاني⁣(⁣١)

  وينبغي أن يجتنب في المديح ما يتطيّر به؛ فإنه قد يتفاءل به الممدوح أو بعض الحاضرين، كما روي أن ذا الرّمّة أنشد هشام بن عبد الملك قصيدته البائيّة:

  ما بال عينك منها الماء ينسكب؟!(⁣٢)

  فقال هشام: بل عينك.

  ويقال: إن ابن مقاتل الضرير أنشد الداعي العلويّ قصيدته التي أولها:

  موعد أحبابك بالفرقة غد⁣(⁣٣)

  فقال له الداعي: (بل) موعد أحبابك، ولك المثل السّوء.

  وروي أيضا أنه دخل عليه في يوم مهرجان وأنشد:

  لا تقل: بشرى، ولكن بشريان ... غرّة الدّاعي، ويوم المهرجان⁣(⁣٤)

  فتطيّر به وقال: أعمى يبتدئ بهذا يوم المهرجان؟! وقيل: بطحه وضربه خمسين عصا، وقال: إصلاح أدبه أبلغ في ثوابه.

  وقيل: لما بنى المعتصم بالله قصره بالميدان، وجلس فيه؛ أنشده إسحاق الموصلي:

  يا دار غيّرك البلى، ومحاك ... يا ليت شعري ما الّذي أبلاك⁣(⁣٥)؟

  فتطيّر المعتصم بهذا الابتداء، وأمر بهدم القصر.

  ومن أراد ذكر الدّيار والأطلال في مديح فليقل مثل قول القطامي:

  إنا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل⁣(⁣٦)


(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.

(٢) عجز البيت:

كأنه من كلى مفريّة سرب

والبيت من البسيط، وهو في ديوان ذي الرمة ص ٩، ولسان العرب (سرب)، (غرف)، (عجل)، وجمهرة اللغة ص ٣٠٩، ومقاييس اللغة ٣/ ١٥٥، وجمهرة أشعار العرب ص ٩٤٢، والمخصص ٧/ ١٢٨.

(٣) الرجز بلا نسبة في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٣.

(٤) البيت من الرمل، وهو في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٣.

(٥) البيت من الكامل، وهو في كتاب الصناعتين ص ٤٣٢.

(٦) عجز البيت:

وإن بليت وإن طالت بك الطّيل =