الفصل الثاني
  زمّوا الجمال؛ فقل للعاذل الجاني: ... لا عاصم اليوم من مدرار أجفاني(١)
  وينبغي أن يجتنب في المديح ما يتطيّر به؛ فإنه قد يتفاءل به الممدوح أو بعض الحاضرين، كما روي أن ذا الرّمّة أنشد هشام بن عبد الملك قصيدته البائيّة:
  ما بال عينك منها الماء ينسكب؟!(٢)
  فقال هشام: بل عينك.
  ويقال: إن ابن مقاتل الضرير أنشد الداعي العلويّ قصيدته التي أولها:
  موعد أحبابك بالفرقة غد(٣)
  فقال له الداعي: (بل) موعد أحبابك، ولك المثل السّوء.
  وروي أيضا أنه دخل عليه في يوم مهرجان وأنشد:
  لا تقل: بشرى، ولكن بشريان ... غرّة الدّاعي، ويوم المهرجان(٤)
  فتطيّر به وقال: أعمى يبتدئ بهذا يوم المهرجان؟! وقيل: بطحه وضربه خمسين عصا، وقال: إصلاح أدبه أبلغ في ثوابه.
  وقيل: لما بنى المعتصم بالله قصره بالميدان، وجلس فيه؛ أنشده إسحاق الموصلي:
  يا دار غيّرك البلى، ومحاك ... يا ليت شعري ما الّذي أبلاك(٥)؟
  فتطيّر المعتصم بهذا الابتداء، وأمر بهدم القصر.
  ومن أراد ذكر الدّيار والأطلال في مديح فليقل مثل قول القطامي:
  إنا محيّوك فاسلم أيّها الطّلل(٦)
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٢) عجز البيت:
كأنه من كلى مفريّة سرب
والبيت من البسيط، وهو في ديوان ذي الرمة ص ٩، ولسان العرب (سرب)، (غرف)، (عجل)، وجمهرة اللغة ص ٣٠٩، ومقاييس اللغة ٣/ ١٥٥، وجمهرة أشعار العرب ص ٩٤٢، والمخصص ٧/ ١٢٨.
(٣) الرجز بلا نسبة في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٣.
(٤) البيت من الرمل، وهو في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٣.
(٥) البيت من الكامل، وهو في كتاب الصناعتين ص ٤٣٢.
(٦) عجز البيت:
وإن بليت وإن طالت بك الطّيل =