الفصل الثاني
  ونحوه قول الكاتب: هذا باب، هذا فصل.
  الثالث: الانتهاء، لأنه آخر ما يعيه السمع، ويرتسم في النفس، فإن كان مختارا كما وصفنا جبر ما عساه وقع فيما قبله من التقصير، وإن كان غير مختار كان بخلاف ذلك، وربما أنسى محاسن ما قبله.
  فمن الانتهاءات المرضية قول أبي نواس:
  فبقيت للعلم الذي تهدي له ... وتقاعست عن يومك الأيام(١)
  وقوله:
  وإني جدير - إذ بلغتك - بالمنى ... وأنت بما أمّلت منك جدير(٢)
  فإن تولني منك الجميل فأهله ... وإلّا فإني عاذر وشكور
  وقول أبي تمام في خاتمة قصيدة فتح عمّوريّة:
  إن كان بين صروف الدهر من رحم ... موصولة، أو ذمام غير مقتضب(٣)
  فبين أيامك اللاتي نصرت بها ... وبين أيام بدر أقرب النّسب
  أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم ... صفر الوجوه، وجلّت أوجه العرب
  وأحسن الانتهاءات ما آذن بانتهاء الكلام، كقول الآخر:
  بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله ... وهذا دعاء للبريّة شامل(٤)
  وقوله:
  فلا حطّت لك الهيجاء سرجا ... ولا ذاقت لك الدنيا فراقا(٥)
  وجميع فواتح السّور وخواتمها واردة على أحسن وجوه البلاغة وأكملها، يظهر ذلك بالتأمّل فيها، مع التدبّر لما تقدّم من الأصول.
  تمّ الكتاب بحمد الله
(١) البيت من الكامل، وهو في ديوان أبي نواس ص ١٨٦، ولفظ البيت في الديوان:
فسلمت للأمر الذي ترجى له ... وتقاعست عن يومك الأيام
(٢) البيتان من الطويل، وهما في ديوان أبي نواس ص ١٨٦.
(٣) الأبيات من البسيط، وهي في ديوان أبي تمام ١/ ٤٢.
(٤) البيت من الطويل، وهو لأبي العلاء المعري في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ١٣٠، ٢/ ٥٣٠.
(٥) البيت من الوافر، وهو للمتنبي في ديوانه ٢/ ٤٣.