الفصل الثاني
  بقول في قومس قومي، وقد أخذت ... منّا السّرى وخطا المهريّة القود(١):
  أمطلع الشّمس تبغي أن تؤمّ بنا؟ ... فقلت: كلّا، ولكن مطلع الجود
  وقول مسلم بن الوليد:
  أجدّك ما تدرين أن ربّ ليلة ... كأنّ دجاها من قرونك ينشر(٢)؟
  سهرت بها حتى تجلّت بغرّة ... كغرّة يحيى حين يذكر جعفر
  وقول أبي الطيب يمدح المغيث العجليّ:
  مرّت بنا بين تربيها، فقلت لها: ... من أين جانس هذا الشّادن العربا(٣)؟!
  فاستضحكت، ثم قالت: كالمغيث يرى ... ليث الشّرى، وهو من عجل إذا انتسبا
  وقوله أيضا:
  خليليّ، ما لي؟! لا أرى غير شاعر ... فكم منهم الدّعوى ومنّي القصائد(٤)؟
  فلا تعجبا؛ إن السيوف كثيرة ... ولكنّ سيف الدّولة اليوم واحد
  وقد ينتقل من الفن الذي شبّب الكلام به إلى ما لا يلائمه، ويسمّى ذلك الاقتضاب، وهو مذهب العرب الأول، ومن يليهم من المخضرمين، كقول أبي تمام:
  لو أرى الله أن في الشّيب خيرا ... جاورته الأبرار في الخلد شيبا(٥)
  كلّ يوم تبدي صروف الليالي ... خلقا من أبي سعيد غريبا
  ومن الاقتضاب ما يقرب من التخلّص، كقول القائل بعد حمد الله: «أما بعد» قيل: وهو فصل الخطاب.
  وكقوله تعالى: {هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ ٥٥}[ص: الآية ٥٥] أي: الأمر هذا، أو هذا كما ذكر.
  وقوله تعالى: {هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ٤٩}[ص: الآية ٤٩].
(١) البيتان من البسيط، وهما في ديوان أبي تمام ٢/ ١٣٢.
(٢) البيتان من الطويل، وهما في ديوان مسلم بن الوليد ص ٣١٦، وكتاب الصناعتين ص ٣٩٩، وزهر الآداب ٣/ ١٦، ومعاهد التنصيص ص ٦٢٨.
(٣) البيتان من البسيط، وهما في ديوان المتنبي ١/ ١٤١، ١٤٢.
(٤) البيتان من الطويل، وهما في ديوان المتنبي ٢/ ٧٠.
(٥) البيتان من الخفيف، وهما في ديوان أبي تمام ١/ ١٢٠.