أيام أبي جعفر المنصور
  كلامهم أقبل عليّ فقال: يا ابن أخي والله لبليتي أعظم من بلية إبراهيم ÷، إن الله ø أمر إبراهيم أن يذبح ابنه، وهو لله طاعة، قال إبراهيم: {إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}(١) وإنكم جئتموني تكلمونني في أن آتي بابنيّ هذا الرجل فيقتلهما، وهو لله جلّ وعزّ معصية، فو الله يابن أخي لقد كنت على فراشي فما يأتيني النوم، وإني على ما ترى أطيب نوما. فأقام عبد الله في الحبس ثلاث سنين.
  * * *
  أخبرني [عمر بن عبد الله، قال: حدّثني] عمر بن شبّة، قال: حدّثني أيوب بن عمر، قال: حدّثني الزبير بن المنذر مولى عبد الرحمن بن العوام، قال:
  كان لرياح بن عثمان(٢) صاحب يقال له أبو البختري، فحدثني أن رياحا لما دخلها أميرا قال: يا أبا البختري هذه دار مروان، أما والله إنها لمحلال مظعان، ثم قال لي: يا أبا البختري خذ بيدي حتى ندخل على هذا الشيخ، فأقبل متكئا على حتى وقف عليّ عبد الله بن الحسن، فقال: أيها الشيخ، إن أمير المؤمنين والله ما استعملني لرحم قرابة، ولا ليد سبقت مني إليه، والله لا تتلعب بي كما تلعبت بزياد وابن القسري(٣)، والله لأزهقن نفسك، أو لتأتيني بابنيك محمد وإبراهيم.
  قال: فرفع إليه رأسه، وقال: نعم، أما والله إنك لأزيرق قيس، المذبوح فيها كما تذبح الشاة.
  قال: فانصرف والله رياح آخذا بيدي أجد برد يده، وإن رجليه ليخطان مما كلّمه(٤). قال: قلت: إن هذا والله ما اطلع على علم الغيب. قال:
(١) سورة الصافات ١٠٦.
(٢) هو رياح بن عثمان بن حيان المري. سيره أبو جعفر أميرا على المدينة في رمضان سنة أربع وأربعين راجع ابن الأثير ٥/ ٢٠٦، والطبري ٩/ ١٨٠.
(٣) في ق «وابن القري» وهو محمد بن خالد بن عبد الله القسري، عزله أبو جعفر عن المدينة في سنة أربع وأربعين ومائة وولى بدله رياح بن عثمان المري» راجع الطبري ٩/ ١٨٠ وابن الأثير ٥/ ٢٠٦.
(٤) كذا في الطبري وابن الأثير، وفي النسخ «ليخطان فما كلمه كلمة».