مختار الصحاح،

الرازي، زين الدين (المتوفى: 666 هـ)

أذن

صفحة 16 - الجزء 1

  جُمْلَةٍ، تَقُولُ: جِئْتُكَ إِذْ قَامَ زَيْدٌ، وَإِذْ زَيْدٌ قَائِمٌ، وَإِذْ زَيْدٌ يَقُومُ، فَإِذَا لَمْ تُضَفْ نُوِّنَتْ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:

  نَهَيْتُكِ عَنْ طِلَابِكِ أُمَّ عَمْرٍو ... بِعَافِيَةٍ وَأَنْتِ إِذٍ صَحِيحُ

  أَرَادَ حِينَئِذٍ كَمَا تَقُولُ: يَوْمَئِذٍ وَلَيْلَتَئِذٍ. وَهُوَ مِنْ حُرُوفِ الْجَزَاءِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُجَازَى بِهِ إِلَّا مَعَ (مَا) تَقُولُ إِذْ مَا تَأْتِنِي آتِكَ، وَقَدْ تَكُونُ لِلشَّيْءِ تُوَافِقُهُ فِي حَالٍ أَنْتَ فِيهَا. وَلَا يَلِيهِ إِلَّا الْفِعْلُ الْوَاجِبُ، تَقُولُ: بَيْنَمَا أَنَا كَذَا إِذْ جَاءَ زَيْدٌ (كَذَا ذَكَرَ فِي بَابِ الذَّالِ وَقَالَ فِي بَابِ الْأَلِفِ اللَّيِّنَةِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى إِذَا الْآتِي مَا نَصُّهُ): وَأَمَّا (إِذْ) فَهِيَ لِمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ وَقَدْ تَكُونُ لِلْمُفَاجَأَةِ مِثْلُ إِذَا وَلَا يَلِيهَا إِلَّا الْفِعْلُ الْوَاجِبُ كَقَوْلِكَ: بَيْنَمَا أَنَا كَذَا إِذْ جَاءَ زَيْدٌ وَقَدْ يُزَادَانِ جَمِيعًا فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى}⁣[البقرة: ٥١] أَيْ وَوَاعَدْنَا. وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

  حَتَّى إِذَا أَسْلَكُوهُمْ فِي قُتَائِدَةٍ ... شَلًّا كَمَا تَطْرُدُ الْجَمَّالَةُ الشُّرُدَا

  أَيْ حَيْثُ أَسْلَكُوهُمْ لِأَنَّهُ آخِرُ الْقَصِيدَةِ أَوْ يَكُونُ قَدْ كَفَّ عَنْ خَبَرِهِ لِعِلْمِ السَّامِعِ.

  إ ذ ا: (إِذَا) اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَمْ تُسْتَعْمَلْ إِلَّا مُضَافَةً إِلَى جُمْلَةٍ، تَقُولُ أَجِئْتُكَ إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ وَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ وُقُوعُهَا مَوْقِعَ قَوْلِكَ: آتِيكَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ. وَهِيَ ظَرْفٌ، وَفِيهَا مُجَازَاةٌ لِأَنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ: أَحَدُهَا الْفِعْلُ كَقَوْلِكَ: إِنْ تَأْتِنِي آتِكَ. وَالثَّانِي الْفَاءُ كَقَوْلِكَ: إِنْ تَأْتِنِي فَأَنَا مُحْسِنٌ إِلَيْكَ. وَالثَّالِثُ إِذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ٣٦}⁣[الروم: ٣٦]. وَتَكُونُ لِلشَّيْءِ تُوَافِقُهُ فِي حَالٍ أَنْتَ فِيهَا نَحْوِ قَوْلِكَ: خَرَجْتُ فَإِذَا زَيْدٌ قَائِمٌ، الْمَعْنَى: خَرَجْتُ فَفَاجَأَنِي زَيْدٌ فِي الْوَقْتِ بِقِيَامٍ.

  أذ ن: (أَذِنَ) لَهُ فِي الشَّيْءِ بِالْكَسْرِ (إِذْنًا) وَ (أَذِنَ) بِمَعْنَى عَلِمَ وَبَابُهُ طَرِبَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة: ٢٧٩] وَأَذِنَ لَهُ اسْتَمَعَ وَبَابُهُ طَرِبَ. قَالَ قَعْنَبُ بْنُ أُمِّ صَاحِبٍ:

  إِنْ يَأْذَنُوا رِيبَةً طَارُوا بِهَا فَرَحًا ... مِنِّي وَمَا أَذِنُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا

  صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ ... وَإِنْ ذُكِرْتُ بِشَرٍّ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا

  قُلْتُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ٥}⁣[الانشقاق: ٢] وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» وَ (الْأَذَانُ) الْإِعْلَامُ وَأَذَانُ الصَّلَاةِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ أَذَّنَ أَذَانًا وَ (الْمِئْذَنَةُ) الْمَنَارَةُ وَ (الْأُذُنُ) يُخَفَّفُ وَيُثَقَّلُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَتَصْغِيرُهَا (أُذَيْنَةٌ) وَرَجُلٌ (أُذُنٌ) إِذَا كَانَ يَسْمَعُ مَقَالَ كُلِّ أَحَدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ. وَ (آذَنَهُ) بِالشَّيْءِ بِالْمَدِّ أَعْلَمَهُ بِهِ يُقَالُ (آذَنَ) وَ (تَأَذَّنَ) بِمَعْنًى، كَمَا يُقَالُ أَيْقَنَ وَتَيَقَّنَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ}⁣[الأعراف: ١٦٧] وَ (إِذَنْ) حَرْفُ مُكَافَأَةٍ وَجَوَابٍ إِذَا قَدَّمْتَهُ عَلَى الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ نَصَبْتَ بِهِ لَا غَيْرُ، كُمَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ: اللَّيْلَةَ أَزُورُكَ فَقُلْتَ: إِذَنْ أُكْرِمَكَ، وَإِنْ أَخَّرْتَهُ أَلْغَيْتَ كَمَا لَوْ قُلْتَ: أُكْرِمُكَ إِذَنْ. فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ فِعْلَ الْحَالِ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ لِأَنَّ الْحَالَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ الْعَوَامِلُ النَّاصِبَةُ.

  أذ ى: (آذَاهُ) يُؤْذِيهِ (أَذًى) وَ (أَذَاةً) وَ (أَذِيَّةً) وَ (تَأَذَّى) بِهِ.

  أر ب: (الْإِرْبُ) بِالْكَسْرِ الْعُضْوُ وَجَمْعُهُ (آرَابٌ) بِمَدِّ أَوَّلِهِ وَ (أَرْآبٌ) بِمَدِّ ثَالِثِهِ. وَ (الْإِرْبُ) أَيْضًا الدَّهَاءُ وَهُوَ مِنَ الْعَقْلِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ (يُؤَارِبُ) صَاحِبَهُ إِذَا دَاهَاهُ، وَمِنْهُ (الْأَرِيبُ) أَيْضًا وَهُوَ الْعَاقِلُ. وَ (الْإِرْبُ) أَيْضًا الْحَاجَةُ وَكَذَا (الْإِرْبَةُ) وَ (الْأَرَبُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَ (الْمَأْرَبَةُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا. قُلْتُ: وَنَقَلَ الْفَارَابِيُّ (مَأْرِبَةٌ) أَيْضًا بِالْكَسْرِ وَبَابُهُ طَرِبَ. وَ {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}⁣[النور: ٣١] فِي الْآيَةِ الْمَعْتُوهُ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.

  أر ث: (الْإِرْثُ) الْمِيرَاثُ وَأَصْلُ الْهَمْزِ فِيهِ وَاوٌ.

  أر ج: (الْأَرَجُ) وَ (الْأَرِيجُ) تَوَهُّجُ رِيحِ الطِّيبِ تَقُولُ: (أَرِجَ) الطِّيبُ أَيْ فَاحَ وَبَابُهُ طَرِبَ وَ (أَرِيجًا) أَيْضًا. وَ (أَرَّجَانُ) بَلَدٌ بِفَارِسَ وَرُبَّمَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ.

  أُرْجُوَانٌ فِي ر ج ا.

  أر خ: (التَّأْرِيخُ) وَ (التَّوْرِيخُ) تَعْرِيفُ الْوَقْتِ تَقُولُ (أَرَّخَ) الْكِتَابَ بِيَوْمِ كَذَا وَ (وَرَّخَهُ) بِمَعْنًى وَاحِدٍ.