قصة الهارب من النار
  وَلقَدْ أَوْرَدْتُ لَكَ نُبْذَةً يَسِيرَةً مِنَ الْقِصَصِ الوَاقِعِيَّة، لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ، الْمُخْلِصِينَ، الْوَارِدَةِ فِي الْعِفَّةِ، الَّتِي تَعْكِسُ جَانِبَاً مِنْ حَيَاةِ أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَتُبَيِّنُ فَضِيلَةَ الْعَفَاف وَالانْكِفَاف عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، لاَ سِيَّمَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالْهَمِّ بِفِعْلِهَا، وَتَرَكُوا ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.
  لأَنَّ هَذِهِ الْقِصَصَ يَكُونُ لَهَا مِنَ التَّأْثِيرِ، وَالتَّذْكِيرِ، وَالاعْتِبَارِ، أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ لِغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاعِظِ، وَالزَّوَاجِرِ، وَالْعِبَرِ ....
  نَعَمْ يَا بُنَيَّ: إِنَّهُمْ تَجَرَّدُوا عَنِ الْمُكَابَرَةِ، وَنَزَّهُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ حَضِيضِ الْمَعَاصِيَ وَالآثَامِ، وَالْفُحْشِ، وَالْفَسَادِ، وَالتَّهَتُّكِ وَالرَّذِيلَةِ وَالانْغَمَاسِ فِي الشَّهَوَاتِ وَالْمَلَذَّاتِ الْخَسِيسَةِ، وَالانْحِطَاطِ الْخُلُقِيِّ وَضَيَاعِ الْقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ.
  لَقَدْ عَاشُوا حَيَاتَهُمْ كُلَّهَا لِلَّهِ ø، وَانْتَصَرُوا عَلَى الشَّهَوَاتِ فَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَحَفِظُوا فُرُوجَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ وَأَيَادِيهِمْ، وَصَانُوا أَعْرَاضُهُمْ مِنَ الأَدْنَاسِ، وَطَهَّرُوا سَرَائِرَهُمْ مِنْ شَوَائِبِ الذُّنُوبِ، وَفَوَاحِشِ الْعُيُوبِ، وَأَخْلَصُوا لِلَّهِ صِدْقًا ...