قصة الهارب من النار
  نَعَمْ يَا بُنَيَّ: إِنَّهَا قُلُوبٌ عَفَّتْ عَنِ الْحَرَامِ فَعَوَّضَهَا اللَّهُ خَيْرًا وَأَذَاقَهَا حَلاَوَةَ الإِيمَانِ.
  فَهُمْ قَوْمٌ صَدَقَتْ نِيَّتُهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ أَعْمَالُهُمْ، وَقُلُوبُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ، فَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَرَاقَبُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي خَلَوَاتِهِمْ، وَفِي سِرِّهِمْ وَعَلاَنِيَتِهِمْ، وَفِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَفِي جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ ....
  فَلَقَدْ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ، وَأَشْرَفهَا، وَأَجَلّهَا، وَأَسْمَاهَا، وَأَعْلاَهَا وَأَزْكَاهَا، وَأَرْفَعهَا، فِي الْعِفَّةِ، وَالشَّهَامَةِ، وَالصِّيَانَةِ، وَالنَّزَاهَةِ وَالطَّهَارَةِ، وَالاحْتِشَامِ، وَالْفَضِيلَةِ ..
  فَنَالُوا بِذَلِكَ الْمَنَازِلَ الرَّفِيعَةَ، وَاسْتَفْتَحُوا الْمَنَاقِبَ الشَّرِيفَةَ، وَسَلِمُوا مِنَ الْمَعَايِبِ واَلفْضَيِحَة ....
  فَاعْتَبِرْ يَا بُنَيَّ: بِهَذِهِ الْقِصَصِ، وَاتَّعِظْ بِمَا فِيهَا، وَاسْتَلْهِم مِنْهَا الْعِبَرَ، وَاسْتَمِدّ مِنْهَا الْمَوَاعِظَ، وَاسْتَخْلِص مِنْهَا دُرُوسًا تَسْتَنِيرُ بِهَا فِي حَيَاتِكَ كُلِّهَا، وَعِبَراً تَنْتَفِعُ بِهَا فِي دُنْيَاكَ وَأُخْرَاكَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ..