قرناء السوء
  أَلاَ تَرَى يَا بُنَيَّ: أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ الشَّبَابِ مَعَ إِدْرَاكِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَوُضُوحِهِ لَدَيْهِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْمَعَايِيرِ السَّلِيمَةِ فِي اخْتِيَارِ الأَصْدِقَاءِ.؟
  فَإِيَّاكَ ثُمَّ إيَّاكَ يَا بُنَيَّ: وَقُرَنَاءِ السُّوءِ، وَمُجَالَسَةِ الأَشْرَارِ، الَّذِينَ يُرِيدُونَ لَكَ الْفَسَادَ وَالدَّمَار، فَإِنَّ الطَّبْعَ يَسْرِقُ مِنَ الطَّبْعِ.
  وَإِيَّاكَ يَا بُنَيَّ: أَنْ تَصْحَبَ الأَشْرَارَ، فَإِنَّ صُحْبَتَهُمْ هَلاَكٌ تُؤَدَّى إِلَى الْبَوَارِ، فَإِنَّهُمْ كَالشَّيَاطِينِ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُزَيِّنُونَ الأَفْعَالِ القَبِيحَةِ، وَالْجَرَائِمِ الشَّنِيعَةِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِالعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَأَصْحَابِهَا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالاسْتِقَامَةِ ..
  وَإِيَّاكَ: أَنْ تَصْحَبَ جَاهِلاً فَتَجْهَلَ بِصُحْبَتِهِ، أَوْ غَافِلاً عَنْ مَوْلاَهُ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ فَيَصُدَّكَ عَنْ سَبِيلِهِ فَتَرْدَى.
  فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَصْحَبَ الأَشْرَارَ، فَإِنَّ الْعَاصِيَ لاَ تُأْمَنُ غَائِلَتَهُ، وَلاَ خُدْعَتَهُ، وَلاَ سَطْوَتَهُ، وَرُبَّمَا خَفَّفَ عَنْكَ أَمْرَ الْفُسُوق وَالْعِصْيَان بِسَبَبِ مُلاَزَمَتِك لَهُ فِي أَكْثَرِ الأَحْيَانِ، وَالطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنَ الطَّبْعِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الشَّهْوَة وَالطَّمَعِ.