حقوق الوالدين
  إِلَيْكَ وَتَهْوَاكَ، وَتَحْنُو عَلَيْكَ وَتَرْعَاكَ، آثَرَتْكَ بِالشَّهَوَاتِ عَلَى النَّفْسِ، وَلَوْ غِبْتَ عَنْهَا سَاعَةً صَارَتْ كَأَنَّهَا فِي حَبْسٍ.
  فَكَمْ أَطْعَمَتْكَ فِي حَيَاتِكَ حُلْواً.؟
  وَكَمْ جَنَّبَتْكَ فِي أَيَّامِكَ مُرًّا.؟
  يَا بُنَيَّ: إِنَّهَا أُمُّكَ نَبْعُ الْحَنَانِ وَالرِّقَّةِ، وَوِعَاءُ الْعَطْفِ وَالشَّفَقَةِ الْمُرْهَفَةُ فِي أَحَاسِيسِهَا، الرَّقِيقَةُ فِي مَشَاعِرِهَا، الصَّادِقَةُ فِي حُبِهَا حَيَاتُكَ أَغْلَى إِلَيْهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَسَعَادَتُكَ أَحَبُّ إِلَيْهَا مِنْ رَاحَتِهَا، كَمْ سَهِرَتْ لِتَنَامَ أَنْتَ.؟
  وَجَاعَتْ لِتَشْبَعَ أَنْتَ.؟
  كَمْ عَامَلْتهَا بِسُوءِ الْخُلُقِ مِرَارًا، فَدَعَتْ لَكَ بِالتَّوْفِيقِ سِرًّا وَجِهَارًا.
  وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّهُمَا وَلِيَاكَ صَغِيرًا جَاهِلاً مُحْتَاجًا، فَآثَرَاكَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَسَهِرَا لَيْلَهُمَا وَأَنَامَاكَ، وَجَاعَا وَأَشْبَعَاكَ، وَتَعَرَّيَا وَكَسَوَاكَ.
  أَبُوكَ وَأُمُّكَ اللَّذَانِ شَقِيَا فِي تَرْبِيَتِكَ، وَسَهِرَا عَلَى سَعَادَتِكَ وَاللَّذَانِ أَفْنَيَا عُمْرَيِهِمَا لِرَاحَتِكَ، وَإِسْعَادِكَ، وَتَحَمَّلاَ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّعَبِ ما تَنُوءُ بِحَمْلِهِ الْجِبَال، وَيَعْجَزُ عَنْ إِيضَاحِهِ الْبَيَانَ ..