الكبر:
  فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٧٢ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ٧٣ إِلَّا إِبْلِيسَ} اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بَخَلْقِهِ، وتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لأَصْلِهِ.
  فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ، وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ، ونَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ، وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ، وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ.
  أَلاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ، وَوَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً، وَأَعَدَّ لَهُ فِي الآخِرَةِ سَعِيراً».
  إِلَى أَنْ قَالَ: «ولَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ، تَمْيِيزاً بِالاخْتِبَارِ لَهُمْ، وَنَفْياً لِلاسْتِكَبَارِ عَنْهُمْ، وَإِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ مِنْهُم.
  فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِيسَ، إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ، وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلافِ سَنَةٍ، لاَ يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الآخِرَةِ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.
  فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ».؟
  انْتَهَى ...