رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

حقوق الوالدين

صفحة 26 - الجزء 1

  وَلَكِنْ أَلاَ تَعْلَمُ يَا بُنَيَّ: أَنَّ أُمَّكَ، وَأَبَاكَ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِكَ.

  أَتُرِيدُ يَا بُنَيَّ: أَنْ تَعْرِفَ عِظَم وُجْد الأُمِّ عَلَى ابْنِهَا، فَاسْمَعْ مَعِي هَذِهِ الأَبْيَات:

  لأُمِّكَ حَقٌّ لَوْ عَلِمْتَ كَبِيْرُ ... كَثِيرُكَ يَا هَذَا لَدَيْهِ يَسِيرُ

  فَكَمْ لَيْلَةٍ بَاتَتْ بِثِقْلِكَ تَشْتَكِي ... لَهَا مِنْ جَوَاهَا⁣(⁣١) أَنَّةٌ وَزَفِيرُ⁣(⁣٢)

  وَفِي الْوَضْعِ لَوْ تَدْرِي عَلَيْهَا مَشَقَّةٌ ... فَمِنْ غُصَصٍ⁣(⁣٣) مِنْهَا الْفُؤَادُ يَطِيرُ

  وَكَمْ غَسَلَتْ عَنْكَ الأَذَى بِيَمِينِهَا ... وَمَا حِجْرُهَا إِلاَّ لَدَيْكَ سَرِيرُ

  وَتَفْدِيكَ مِمَّا تَشْتَكِيهِ بِنَفْسِهَا ... وَمِنْ ثَدْيِهَا شُرْبٌ لَدَيْكَ نَمِيرُ

  وَكَمْ مَرَّةٍ جَاعَتْ وَأَعْطَتْكَ قُوْتِهَا ... حُنُوًّا وَإِشْفَاقًا وَأَنْتَ صَغِيرُ

  فَضَيَّعْتَهَا لَمَّا أَسَنَّتْ جَهَالَةً ... وَطَالَ عَلَيْكَ الأَمْرُ وَهُوَ قَصِيرُ

  فَآهٍ لِذِيْ عَقْلٍ وَيَتَّبِعُ الْهَوَى ... وَآهٍ لأَعْمَى الْقَلْبِ وَهُوَ بَصِيرُ

  فَدُوْنَكَ فَارْغَبْ فِي عَمِيْمِ دَعَائِهَا ... فَأَنْتَ لِمَا تَدْعُوْ إِلَيْهِ فِقِيرُ


(١) (الْجَوَى): الْحُرْقَةُ، وَشِدَّة الْوَجْدِ، مِنْ عِشْقٍ، أَو حُزْنٍ. الصِّحَاح فِي اللُّغَةِ - باب حبب ..

وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ فِي اللُّغَةِ: وَالْجَوَى مَقْصُوْرٌ: دَاءٌ يَأْخُذُ في البَطْنِ لاَ يُسْتَمَرَأُ منه الطَّعَامُ، رَجلٌ جَوٍ وامْرَأَةٌ جَوِيَةٌ. واسْتَجوَيْنَا الطَّعامَ واجْتَوَيْناه. والاجْتِوَاءُ: الكَرَاهِيَةُ والبُغْضُ، اجْتَوَيْتُ البِلادَ: إِذَا كَرِهْتَها وإنْ كُنْتَ في نَعْمَةٍ ....

(٢) (الزَّفِيرُ): تَرْدِيدُ النَّفَسِ مِنْ شِدَّةِ الْحُزْنِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الزَّفْرِ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الظَّهْرِ لِشِدَّتِهِ، وَقِيلَ: الزَّفِيرُ صَوْتُ الْمَكْرُوبِ بِالأَنِينِ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: فَالزَّفِيرُ تَرَدُّدُ النَّفَسِ حَتَّى تَنْتَفِخَ الضُّلُوعُ مِنْهُ ...

(٣) (وَالْغُصَّةُ): بِالضَّمِّ مَا غَصَّ بِهِ الإِنْسَانُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْظٍ عَلَى التَّشْبِيهِ وَالْجَمْعُ غُصَصٌ ...