طلب الحلال:
  فَإِذَا كَانَ هَذَا الْكَلاَمُ فِي زَمَانِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ، فَمَا بَالَكُمْ بِهَذَا الزَّمَانِ الَّذِي كَثُرَ فِيهِ الطَّمَعُ، وَالْحِرْصُ، والتَّكَالُبُ عَلَى الدُّنْيَا.
  وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَالَ الْحَلاَلَ جُنَّةٌ، أَيْ: يَقِي صَاحِبَهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبِهَاتِ، وَيَقِي صَاحِبَهُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ مُلاَزَمَةِ الظَّلَمَةِ، وَمُؤَانَسَتِهِمْ، وَمُصَاحَبَتِهِمْ، وَمُدَاهَنَتِهِمْ، وَالرِّضَا بِأَعْمَالِهِمْ.
  وَمِنَ الْمُؤْسِفِ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، مِنَ الَّذِينَ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمُ الْمَالُ، وَالثَّرْوَة، سَوَاءٌ كَانُوا أَفْرَادًا، أَوْ مُنَظَّمَات دِينِيَّةٍ أَوْ جَمْعِيَّات دِينِيَّة، أَوْ خَيْرِيَّة، أَوْ أَحْزَابًا سِيَاسِيَّة، لاَ يُعْطُونَكَ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ إِلاَّ عَلَى حِسَابِ كَرَامَتِكَ، وَشَرَفِكَ، وَمُرُوَءَتِكَ، بَلْ وَعَلَى حِسَابِ دِينِكَ وَعَقِيدتِكَ، وَمَبَادِئِكَ.
  نَعَمْ يَا بُنَيَّ: فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَأَرْبَابِ الثَّرْوَةِ، وَالْمَالِ يَسْتَغِلُّونَ حَاجَةَ النَّاسِ، وَضَعْفِهِمْ، وَخَلَّتِهِمْ، وَفَاقَتِهِمْ، وَفَقْرِهِمُ وَضِيقِ مَعَاشِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لاَ يَأْلُوْنَ جهداً فِي اسْتِغْلاَلِهِمْ لِلْمُحْتَاجِينَ مِنَ النَّاسِ، وَتَسْخِيرِهِمْ فِي مَصَالِحِهِمْ، وَمَنَافِعِهِمُ الشَّخْصِيَّةِ الْخَاصَّةِ، أَوِ السِّيَاسِيَّةِ، أَوْ، أَوْ، أَوْ، أَوْ، إِلَى آخِرِهِ ....