طلب العلم:
  بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً(١) غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ.
  أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ، لاَ بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ(٢)، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ(٣) بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ(٤)، أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ(٥).
  أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ(٦)، سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ(٧).
  أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالادِّخَارِ(٨)، لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيءٍ أَقْرَبُ شَيءٍ شَبِهَا بِهِمَا الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ(٩).
  كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ.
  اللَّهُمَّ بَلَى لاَ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً.
(١) وَقَوْلُهُ: «لَقِناً»، أَيْ: سَرِيعَ الْفَهْمِ، وَقَوْلُهُ: «غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ»، غيرَ ثِقَةٍ ...
(٢) وَقَوْلُهُ: «فِي أَحْنَائِهِ»، أَيْ: جَوَانِبُهُ، الْوَاحِدُ مِنْهَا: حِنْوٌ ...
(٣) وَقَوْلُهُ: «يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ»، أَيْ: يَحْصُلُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ عَلَى سُرْعَةٍ، وَمِنْهُ انْقِدَاحُ النَّارِ.
(٤) وَقَوْلُهُ: «بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ»، بِأَوَّلِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنَ الشُّبَهِ، فَأَوَّلُ شُبْهَةٍ تُؤَثِّرُ فِيهِ، وَتَقْدَحُ فِي قَلْبِهِ الشَّكُّ، فَيَقَعُ فِي الْحَيْرَةِ، وَالضَّلاَلِ، وَالشَّكِّ، وَالاِرْتِيَابِ.
وَيَتَخَبَّطُ فِي الشُّكُوكِ، وَالشُّبِهَاتِ، وَيَتَخَبَّطُ فِي الشُّكُوكِ، وَالشُّبِهَاتِ، وَيَقَعُ فِي الْمَعَاصِي، وَالذُّنُوبِ، وَالآثَامِ ....
(٥) وَقَوْلُهُ: «أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ»، أَيْ: لاَ أُرِيْدُ مَنْ كَانَ خَائِنًا، وَلاَ أُرِيدُ مَنْ كَانَ مُنْقَاداً لِحَمْلِ هَذَا الْعِلْمِ، وَلاَ أَرْضَاهُمَا أَهْلاً لَهُ.
(٦) وَقَوْلُهُ: «أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ»، الْمَنْهُومُ بِالشَّيْءِ: الْمُولَعُ بِهِ.
(٧) وَقَوْلُهُ: «سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ»، السَّلِسُ السَّهْلُ اللَّيّنُ الْمُنْقادُ، وَالانْقِيَادُ: الْخُضُوعُ. تَقُولُ: قُدْتُهُ فَانْقَادَ، وَاسْتَقَادَ لِي إِذَا أَعْطَاكَ مَقَادَتَهُ ...
(٨) وَقَوْلُهُ: «أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالادِّخَارِ»، الْمَغْرَمُ: الْمُولَعُ بِالشَّيْءِ، أَيْ: أَنَّهُ مُولَعٌ بِجَمْعِ الدُّنْيَا وَادِّخَارِهَا، وَكَسْبِهَا، عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَمِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ ......
(٩) وَقَوْلُهُ: «الأَنْعَامُ السَّائِمَةُ»، وَالسَّائِمَةُ: الرَّاعِيَةُ.