رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

طلب العلم:

صفحة 364 - الجزء 1

  لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَبَيِّنَاتُهُ.

  وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ.؟

  أُولَئِكَ وَاللَّهِ الأَقَلُّونَ عَدَداً، وَوَالأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً، يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ.

  هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ⁣(⁣١) عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا⁣(⁣٢) رُوحَ الْيَقِينِ⁣(⁣٣) وَاسْتَلاَنُوا⁣(⁣٤) مَا اسْتَوْعَرَهُ⁣(⁣٥) الْمُتْرَفُونَ⁣(⁣٦)، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الأَعْلَى.

  أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، هَآهٍ هَآهٍ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ، إِذَا شِئْتَ فَقُمْ».

  نَعَمْ يَا بُنَيَّ: لَقَدْ تَرَكَ لَنَا الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ #: ثَرْوَةً عِلْمِيَّةٍ ضَخْمَةً، مِنَ النَّصَائِحِ الْعَظِيمَةِ، وَالْمَوَاعِظِ


(١) وَقَوْلُهُ: «هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ»، الْهُجُومُ: الإِتْيَانُ بَغْتَةً وَالدُّخُولُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ ....

(٢) وَقَوْلُهُ: «وَبَاشَرُوا»، أَيْ: خَالَطُوا ...

(٣) وَقَوْلُهُ: «رُوحَ الْيَقِينِ»، وَالرَّوْحُ أَيْضًا: السُّرُورُ وَالْفَرَحُ، وَاسْتَعَارَهُ عليٌّ، ¥، لِلْيَقِينِ فَقَالَ: «فَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ» قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّهُ أَرَادَ الْفَرْحَة وَالسُّرُورَ اللَّذَيْنِ يَحْدُثان مِنَ الْيَقِينِ.

(٤) وَقَوْلُهُ: «وَاسْتَلاَنُوا»، اسْتَلاَنَ الْعَيْشَ: رَآهُ لَيِّنًا، أَوْ عَدَّهُ لَيِّناً، أَوْ وَجَدَهُ لَيِّنًا ...

(٥) وَقَوْلُهُ: «مَا اسْتَوْعَرَهُ»، الْوَعْرُ: الصَّعْبُ، واسْتَوْعَرُوا طَرِيقَهُمْ: رَأَوْهُ وَعْراً. وتَوَعَّرَ عليَّ: تَعَسَّر ....

(٦) وَقَوْلُهُ: «الْمُتْرَفُونَ»، (الْمُتْرَفُ): الْمُتَنَعِّمُ الْمُتَوَسِّعُ فِي مَلاَذِّ الدُّنْيَا وشَهَواتِهَا ...