رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

طلب العلم:

صفحة 369 - الجزء 1

  وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ هُمْ أَهْلُهُ، وَحَمَلَتُهُ، وَرُعَاتُهُ وَالْقَائِمُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَبَيِّنَاتِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُمُ الأَقَلُّونَ عَدَداً وَالأَعْظَمُونَ عِنْد اللَّهِ قَدْراً، إِشَارَةٌ إِلَى قِلَّةِ هَذَا الْقِسْمِ وَعِزَّتِهِ وَغُرْبَتِهِ بَيْنَهُمْ، مِنْ حَمَلَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

  وَوَصَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ¥: هَذَا الْقِسْمُ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ بِصِفَاتٍ:

  مِنْهَا: أَنَّهُ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِلْمَ دَلَّهُمْ عَلَى الْمَقْصُودِ الأَعْظَمِ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَخَافُوهُ، وَأَحَبُّوهُ، حَتَّى سَهَّلَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ كل مَا تَعَسَّرَ عَلَى غَيْرِهِمْ، مِمَّنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ، مِمَّنْ وَقَفَ مَعَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا، وَاغْتَرَّ بِهَا، وَلَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَإِجْلاَلِهِ.

  فَلِذَلِكَ قَالَ: «اسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ»، فَإِنَّ الْمُتْرَفَ الْوَاقِفُ مَعَ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا، يَصْعُبُ عَلَيْهِ تَرْك لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا، لأَنَّهُ لاَ عِوَضَ عِنْدَهُ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا إِذَا تَرَكَهَا، فَهُوَ لاَ يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِهَا.