رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $

صفحة 415 - الجزء 1

  مِنْهَا: قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ⁣(⁣١) إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي، أَوْ أَنْ أَنْقُصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي، أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى وَفِتَنِ الدُّنْيَا، فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ⁣(⁣٢)، وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ⁣(⁣٣) كَالأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا ألْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيء قَبِلَتْهُ، فَبَادَرْتُكَ بِالأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُو قَلْبُكَ، وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ⁣(⁣٤) مِنَ الأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ⁣(⁣٥) وَتَجْرِبَتَهُ، فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَؤُونَةَ الطَّلَبِ، وَعُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ التَّجْرِبَةِ، فَأَتَاكَ مِنْ ذلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ، وَاسْتَبَانَ⁣(⁣٦) لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ.

  أَيْ بُنَيَّ: إِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ،


(١) أُفْضِي: أظهره لك وأحثك على فعله.

(٢) أَيْ: البعير الصعب الَّذِي ينفر وَلاَ يمكّن أحدا من ظهره ..

(٣) الْحَدَثُ: لصَّغيرُ مِنَ الرِّجَالِ.

(٤) جدّ رأيك: أعلاَه وأقواه وأعظمه تبصرة فِي الأُمُورِ.

(٥) أَيْ: تستقبل ما قد فرغ أهل الخبرة عَنْ طلبه وتحصيله.

(٦) أَيْ: اتضح.