الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $
  فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْر نَخِيلَتَهُ(١)، وَتَوَخَّيْتُ(٢) لَكَ جَمِيلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ، وَرَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ، وَأَجْمَعْتُ عَلَيْهِ(٣) مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذلِكَ وَأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ(٤) مُقْتَبَلُ الدَّهْرِ(٥)، ذُو نِيَّة سَلِيمَة، وَنَفْس صَافِيَة، وَأَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّهِ ø وَتَأْوِيلِهِ، وَشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَأَحْكَامِهِ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، لاَ أُجَاوِزُ ذلِكَ(٦) بَكَ إِلَى غَيْرِهِ.
  ثُمَّ أَشْفَقْتُ(٧) أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ(٨) عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَى أَمْر لاَ آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ الْهَلَكَةَ(٩)، وَرَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ، وَأَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ، فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هذِهِ.
(١) النَخِيل: الْمُخْتَارُ الْمُصَفَّى.
(٢) أَيْ: طلبت لك مِنْ ذَلِكَ أجمله وأحمده.
(٣) أجمعت عَلَيْهِ: أَيْ: عزمت عَلَيْهِ.
(٤) مقبل العمر أَيْ: في أول أوانه.
(٥) أَيْ: مستأنفه، كأنّه يستأنف الدهر ..
(٦) أَيْ: لاَ أعدل عما ذكرته من العلوم إِلَى غَيْرِها لما في ذلك من المصلحة العامة.
(٧) أَشْفَقْتُ: أَيْ: خشيت وخفت.
(٨) اللّبْسُ: الخَلْط. يقال: لَبَسْت الأمر بِالْفَتْحِ ألْبِسُه إذا خَلَطْتَ بعضَه ببعض.
(٩) الْهَلَكَة: الْهَلاَكُ.