رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $

صفحة 416 - الجزء 1

  فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْر نَخِيلَتَهُ⁣(⁣١)، وَتَوَخَّيْتُ⁣(⁣٢) لَكَ جَمِيلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ، وَرَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ، وَأَجْمَعْتُ عَلَيْهِ⁣(⁣٣) مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذلِكَ وَأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ⁣(⁣٤) مُقْتَبَلُ الدَّهْرِ⁣(⁣٥)، ذُو نِيَّة سَلِيمَة، وَنَفْس صَافِيَة، وَأَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّهِ ø وَتَأْوِيلِهِ، وَشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ وَأَحْكَامِهِ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، لاَ أُجَاوِزُ ذلِكَ⁣(⁣٦) بَكَ إِلَى غَيْرِهِ.

  ثُمَّ أَشْفَقْتُ⁣(⁣٧) أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِي الْتَبَسَ⁣(⁣٨) عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذلِكَ عَلَى مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِيهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَى أَمْر لاَ آمَنُ عَلَيْكَ بِهِ الْهَلَكَةَ⁣(⁣٩)، وَرَجَوْتُ أَنْ يُوَفِّقَكَ اللَّهُ فِيهِ لِرُشْدِكَ، وَأَنْ يَهْدِيَكَ لِقَصْدِكَ، فَعَهِدْتُ إِلَيْكَ وَصِيَّتِي هذِهِ.


(١) النَخِيل: الْمُخْتَارُ الْمُصَفَّى.

(٢) أَيْ: طلبت لك مِنْ ذَلِكَ أجمله وأحمده.

(٣) أجمعت عَلَيْهِ: أَيْ: عزمت عَلَيْهِ.

(٤) مقبل العمر أَيْ: في أول أوانه.

(٥) أَيْ: مستأنفه، كأنّه يستأنف الدهر ..

(٦) أَيْ: لاَ أعدل عما ذكرته من العلوم إِلَى غَيْرِها لما في ذلك من المصلحة العامة.

(٧) أَشْفَقْتُ: أَيْ: خشيت وخفت.

(٨) اللّبْسُ: الخَلْط. يقال: لَبَسْت الأمر بِالْفَتْحِ ألْبِسُه إذا خَلَطْتَ بعضَه ببعض.

(٩) الْهَلَكَة: الْهَلاَكُ.