رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $

صفحة 417 - الجزء 1

  وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اللَّهِ، وَالاِقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ الأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ، وَالصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا⁣(⁣١) أَنْ نَظَرُوا لأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ، وَفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ، ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذلِكَ إِلَى الأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا، وَالإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذلِكَ بَتَفَهُّم وَتَعَلُّم، لاَ بِتَوَرُّطِ الشُّبِهَاتِ، وَعُلَقِ الْخُصُومَاتِ.

  وَابْدَأْ قَبْلَ نَظَرِكَ فِي ذلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلهِكَ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ فِي تَوْفِيقِكَ، وَتَرْكِ كُلِّ شَائِبَة⁣(⁣٢) أَوْلَجَتْكَ⁣(⁣٣) فِي شُبْهَة، أَوْ أَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلاَلَة.

  فَإِذَا أَيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ، وَتَمَّ رَأْيُكَ وَاجْتَمَعَ، وَكَانَ هَمُّكَ فِي ذلِكَ هَمّاً وَاحِداً، فَانْظُرْ فِيَما فَسَّرْتُ لَكَ، وَإِنْ أنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ نَفْسِكَ، وَفَرَاغِ نَظَرِكَ وَفِكْرِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ


(١) لَمْ يَدَعُوا: لَمْ يَترُكُوا.

(٢) الشَّائِبَةُ: الشيء الغريب يختلط بغيره ويقال ما فيِهِ شائبة لَيْسَ فيِهِ شبهة ..

(٣) أَوْلَجَتْكَ: أدخلتك.