الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $
  إِنَّمَا تَخْبِطُ الْعَشْوَاءَ(١)، وَتَتَوَرَّطُ(٢) الظَّلْمَاءَ، وَلَيْسَ طَالِبُ الدِّينِ مَنْ خَبَطَ وَلاَ مَنْ خَلَّطَ، وَالإِمْسَاكُ(٣) عَنْ ذلِكَ أَمْثَلُ(٤).
  فَتَفَهَّمْ يَا بُنَيَّ: وَصِيَّتِي.؟
  وَاعْلَمْ: أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الحَيَاةِ، وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ، وَأَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ، وَأَنَّ الْمُبْتَلِيَ هُوَ الْمُعَا فِي، وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَى مَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّعْمَاءِ وَالاِبْتِلاَءِ، وَالْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ، أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ تعْلَمُ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ بِهِ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ جَاهِلاً ثُمَّ عَلِمْتَ، وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الأَمْرِ، وَيَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ، وَيَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذلِكَ فَاعْتَصِمْ بِالَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَسَوَّاكَ، وَلْيَكُنْ لَهُ تَعَبُّدُكَ، وَإِلَيْهِ رَغْبَتُكَ، وَمِنْهُ شَفَقَتُكَ(٥).
(١) الْعَشْوَاء: الضعيفة البصر، وهُوَ مثل فيمن لاَ يَكُوْنُ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى بَصِيْرَةٍ، وأصله من سير الناقة التي لاَ تبصر ..
(٢) الْوَرْطَةُ: الْهَلاَكُ، وغرضه أن تقع فِي الظُّلُمَاتِ وَهِيَ الأُمُور الملتبسة.
(٣) الإِمْسَاكُ عَنِ الشَّيْءِ: حبس النفس عَنْهُ ..
(٤) أَمْثَلُ: أَيْ: أفضل.
(٥) أَيْ: لا تخف أحداً غيره، وَلاَ تراقبنَّ أحداً سواه.