رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $

صفحة 420 - الجزء 1

  يَا بُنَيَّ: إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَحَالِهَا، وَزَوَالِهَا وَانْتِقَالِهَا وَأَنْبَأْتُكَ عَنِ الآخِرَةِ وَمَا أُعِدَّ لأهْلِهَا فِيهَا، وَضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا الأَمْثَالَ، لِتَعْتَبِرَ بِهَا، وَتَحْذُوَ عَلَيْهَا.

  إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيَا⁣(⁣١) كَمَثَلِ قَوْم سَفْر⁣(⁣٢)، نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ⁣(⁣٣) جَدِيبٌ⁣(⁣٤)، فأَمُّوا⁣(⁣٥) مَنْزِلاً خَصِيباً وَجَنَاباً⁣(⁣٦) مَرِيعاً⁣(⁣٧)، فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ⁣(⁣٨) الطَّرِيقِ، وَفِرَاقَ الصَّدِيقِ، وَخُشُونَةَ السَّفَرِ، وَجُشُوبَةَ الْمَطْعَمِ⁣(⁣٩)، لِيَأتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ، وَمَنْزِلَ قَرَارِهِمْ، فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْء مِنْ ذلِكَ أَلَماً، وَلاَ يَرَوْنَ نَفَقَةً مَغْرَماً، وَلاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ، وَأَدْنَاهُمْ مِنْ مَحَلِّهِمْ.


(١) أَيْ: عرف حالها، وقلبِهَا ظهراً لبطن.

(٢) السَفْر - بفتح فسكون -: القوم المسافرون.

(٣) نَبَا المنزل بأهله: لم يوافقهم المقام فيِهِ لو خامته.

(٤) أَيْ: مكان لا خصب فيِهِ وَلاَ مرعى لأنعامهم.

(٥) أمّوا: قصدوا.

(٦) الجَناب، أَيْ: الناحية.

(٧) المريع: بفتح الميم وكسر الراء مأخوذ من المراعة وَهِيَ الخصب.

(٨) وَعْثَاء السَّفَرِ: مشقته.

(٩) جُشُوبَة الْمَطْعَمِ: غلظه، ويقال هُوَ الَّذِي لا أُدْمَ معه.