الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $
  وَاعْلَمْ: أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَسَافَة بَعِيدَة، وَمَشَقَّة شَدِيدَة، وَأَنَّهُ لاَ غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ الاِرْتِيَادِ(١)، وَقَدْرِ بَلاَغِكَ(٢) مِنَ الزَّادِ مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ، فَلاَ تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، فَيَكُونَ ثِقْلُ ذلِكَ وَبَالاً عَلَيْكَ، وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ(٣) مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَاغْتَنِمْهُ وَحَمِّلْهُ إِيَّاهُ، وَأَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ، وَاغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ في حَالِ غِنَاكَ، لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ في يَوْمِ عُسْرَتِكَ.
  وَاعْلَمْ: أَنَّ أمَامَكَ عَقَبَةً كَؤوداً(٤)، الْمُخِفُّ(٥) فِيهَا أَحْسَنُ حَالاً مِن الْمُثْقِلِ(٦)، وَالْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ حَالاً مِنَ الْمُسْرِعِ، وَأَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ لاَ مَحَالَةَ عَلَى جَنَّة أَوْ عَلَى نَار، فَارْتَدْ(٧) لِنَفْسِكَ قَبْلَ
(١) الطلب لما يصلحك، ويكون عدة لك من هوله.
(٢) البَلاَغ - بِالْفَتْحِ -: الكِفاية.
(٣) الْفَاقَة: الفقر.
(٤) كَؤوداً: صعبة المرتقى.
(٥) المُخِفّ - بضم فكسر -: الَّذِي خفف حمله.
(٦) الْمُثْقِل: هُوَ من أثقل ظهره بالأوزار.
(٧) ارْتَدِهِ: ابعث رائداً من طيبات الأعمال توقفك الثقة بِهِ على جودة المنزل.