الوصية الخالدة وصية الإمام علي # لابنه الحسن $
  نُزُولِكَ، وَوَطِّئِ الْمنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ(١)، وَلاَ إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ(٢).
  وَاعْلَمْ: أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ، وَتَكفَّلَ لَكَ بِالإِجَابَةِ، أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ، وَتَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ، وَلَمْ يُلْجِئْكَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأْتَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَلَمْ يُعَاجِلْكَ بَالنِّقْمَةِ، [وَلَمْ يُعَيِّرْكَ بِالإِنَابَةِ(٣)]، وَلَمْ يَفْضَحْكَ حَيْثُ الْفَضِيحَةُ [بِكَ أَوْلَى]، وَلَمْ يُشدِّدْ عَلَيْكَ فِي قَبُولِ الإِنَابَةِ، وَلَمْ يُنَاقِشْكَ بِالْجَرِيمَةِ، وَلَمْ يُؤْيِسْكَ مِنَ الرَّحْمَةِ، بَلْ جَعَلَ نُزُوعَكَ(٤) عَنِ الذَّنْبِ حَسَنةً، وَحَسَبَ سَيِّئَتَكَ وَاحِدَةً، وَحَسَبَ حَسَنَتَكَ عَشْراً، وَفَتحَ لَكَ بَابَ الْمَتَابِ، فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاك، وَإِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ(٥)، فَأَفْضَيْتَ(٦) إِلَيْهِ بِحَاجَتِكَ، وَأَبْثَثْتَهُ(٧) ذَاتَ نَفْسِكَ
(١) أَيْ: لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ من اسْتِرضاء لأنَّ الأعمالَ بَطَلت وانْقَضَى زمانُها ..
(٢) مُنْصَرَفٌ أَيْ: مرجع وَلاَ رد بَعْدَ الْمَوْتِ، وإنما المرجع إِلَى الدَّار الآخِرَةِ.
(٣) الإِنَابَة: الرجوع إِلَى اللَّهِ.
(٤) نُزُوعَكَ: رجوعك.
(٥) النَّجْوَى هُوَ: التَّنَاجِي، وَأَرَادَ أنه محيط بما تناجيه من مهماتك، وعالم بِهَا ..
(٦) أَيْ: أظهرتها عنده وكشفتها لديه.
(٧) بث إِلَيْهِ السر إذا كشفه له، وأظهرت له حقيقة حالك.