رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

ترك الإحسان إلى الوالدين سبب في سوء الخاتمة

صفحة 71 - الجزء 1

  أَهَذَا جَزَاهَا بَعْدَ طُوْلِ عَنَائِهَا ... لأَنْتَ لَذُو جَهْلٍ وَأَنْتَ إِذًا أَعْمَى

  فَلاَ تُطِعْ زَوْجَةً فِي قَطْعِ وَالِدَةٍ ... عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَخِيْ قَدْ أَفْنَتِ الْعُمُرَا

  فَكَيْفَ تُنْكِرُ أُمًّا ثُقْلُكَ احْتَمَلَتْ ... وَقَدْ تَمَرَّغْتَ فِي أَحْشَائِهَا شُهُرَا

  وَعَالَجَتْ بِكَ أَوْجَاعَ النِّفَاسِ وَكَمْ ... سُرَّتْ لَمَّا وَلَدَتْ مَوْلُودَهَا ذَكَرَا

  وَأَرْضَعَتْكَ إِلَى حَوْلَيْنِ مُكْمَلَةً ... فِي حَجْرِهَا تَسْتَقِي مِنْ ثَدْيِهَا الدُّرَرَا

  وَمِنْكَ يُنْجِسُهَا مَا أَنْتَ رَاضِعُهُ ... مِنْهَا وَلاَ تَشْتَكِي نَتْنًا وَلاَ قَذَرَا

  وَقُلْ هُوَ اللَّهُ بِالآلاَفِ تَقْرَؤُهَا ... خَوْفًا عَلَيْكَ وَتُرْخِي دُوْنَكَ السُّتُرا

  وَعَامَلَتْكَ بإحْسَانٍ وَتَرْبِيَةٍ ... حَتَّى اسْتَويْتَ وَحَتَّى صِرْتَ كَيْفَ تَرَى

  فَلاَ تُفَضِّلْ عَلَيْهَا زَوْجَةً أَبَدًا ... وَلاَ تَدَعْ قَلْبِهَا بِالْقَهْرِ مُنْكَسِرَا

  وَالوَالِدُ الأَصْلُ لاَ تُنِكِرْ لِتَرْبِيَةٍ ... وَاحْفَظْهُ لاَ سِيَّما إِنْ أَدْرَكَ الكِبَرَا

  فَمَا تُؤَدِّي لَهُ حَقًّا عَلَيْكَ وَلَوْ ... عَلَى عُيُونِكَ حَجَّ البَيْتَ وَاعْتَمَرَا

  فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللَّهِ: يَا مَنْ أَبْكَى وَالِدَيْهِ، يَا مَنْ أَبْكَى أَبَوَيْهِ وَأَحْزَنَهُمَا، وَأَسْهَرَ لَيْلُهُمَا، وَحَمَّلَهُمَا أَعْبَاءَ الْهُمُوم، وجَرَّعَهُمَا غُصَصَ الْفِرَاقِ وَوَحْشَةِ الْبِعَادِ، هَلاَّ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِمَا وَأَرْضَيتهُمَا وَأَضْحَكْتَهُمَا، يَبْكِيَانِ عَلَيْكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ إِشْفَاقًا وَحَذَرًا.

  ويَبْكِيَانِ مِنْكَ وَأَنْتَ كَبِير، خَوْفاً وَفَرَقاً، فَهُمَا أَلِيفَا حُزْنٍ، وَحَلِيفَا هَمٍّ وَغَمٍّ، فَلَمَّا بَلَغْتَ مَوْضِعَ الأَمَلِ، وَمَحَلَّ الرَّجَاءِ قُلْتَ: أَسِيحَ فِي الأَرْضِ أَطْلُبُ كَذَا وَكَذَا، فَفَارَقْتَهُما عَلَى رَغْمِهِمَا بَاكِيَينَ