القاضي جعفر والمطرفية:
  كتاب أو سمعت بأحد يقول بقولهم؟ فقال: لا.
  قال له: فإنه يجب عليك تردهم عن جهلهم وتنكر بدعهم، فإن النبي - صلى الله عليه وآله(١) - يقول: «إذا ظهرت البدع من بعدي فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله». فقال له القاضي: قد عرفتُ ما تقول، ولكن القوم كثير، وقد صاروا ملء يمننا هذا، ولو أبيتُ أُنْكِرُعليهم لرموني بقوسٍ واحدة، وأنت يا مولانا تقرب وتبعد، وأنا أخاف القوم ولا طاقة لي بهم. فوقع كلام الإمام في أذن القاضي وعمل به وهو ممن علم وعمل، فتقدم القاضي وأظهر كتبه التي وصل بها من العراق وتعرض للتدريس والتعليم»(٢).
  وأنشأ ب (سناع) مدرسة بجانب مسجدها، وتسامع به الناس ووصلوا إليه وأخذوا عنه، ومن المطرفية من أتي إليه وأخذ عنه، قال الثقفي: «فوصل إليه الفقيه الأجل أحمد بن الحسين وكان أبوه من مشايخ أهل وقش، ومحمد بن الحسين الفقيه وكذلك أبوه كذلك [كذا] إلا أنه كان يكنُّ من بغض الإمام ما لا يكنه أحد، ومن جملة من أتي إلى القاضي: سليمان بن ناصر(٣) وعلي بن إبراهيم وجماعة ممن يريد الله واليوم الآخر، فدرسوا عنده وتبين لهم أنهم كانوا على غير شيء»(٤).
  وكان لانتشار صيت مدرسة سناع أثره في المطرفية أهل (وَقَش(٥))، فتداعوا عليه وعقدوا اجتماعات وتكلموا عليه بما ليس فيه، قال الثقفي: «وقالوا للناس: إنه باطني ابن باطني، فدعاهم إلى المناصفة وقال: هلموا إلى
(١) في السيرة: «وأهله».
(٢) سيرة الإمام أحمد بن سليمان تأليف سليمان بن يحيى الثقفي: (٢٨١ - ٢٨٢).
(٣) السُّحَامي الشيخ الفقيه صاحب (شمس الشريعة) المشهور، توفي سنة (٦٠٠ هـ).
(٤) السيرة: (٢٨٢).
(٥) وَقَش: بلدة أثرية في منطقة (بني قيس) من مديرية (بني مطر) وأعمال محافظة صنعاء. وكانت هجرة من هجر المطرفية، وعاش بها طائفة من بني الوزير، وبها قبر الأمير العفيف محمد بن المفضل (ت ٦٠٠ هـ). معجم البلدان للمقحفي: (٢: ١٨٨٤).