(1) ترجمة القاضي جعفر
  وقد غفل أو تغافل الشامي عن ذكر تلميذ ابن أبي الخير الأول المسمى «سيف السنة» ومناظرة القاضي له، وفي الجهة المقابلة لم يذكر صاحب (المستطاب) إلا سيف السنة دون التلميذ الآخر الهرمي (أو اليرمي)، بل وجعل المناظرة التي في (شواحط) مع سيف السنة.
  هذا كله يبدو أنه كان قبل اطلاع القاضي على رسالة ابن أبي الخير، وأن اطلاعه عليها كان متأخراً عن ذلك، وأنها لم تصله مباشرة من الفقيه الهرمي، بل أطلعه عليها فيما يبدو لي الشيخ محمد بن أحمد الْمِسْكِيني بعد التجائه إليه؛ وهذا بناء على كلام للقاضي جعفر في أول كتاب (الدامغ - مخطوط: ٢ أ) الذي هو أول نتاج فكري لهذه الزيارة رد به على رسالة الحنبلي، حيث يقول القاضي عمن أطلعه على الرسالة: «أما بعد، فإن مَنْ يلزمني فرض إجابته ويتعين عليَّ واجب طاعته أطلعني على كلام لبعض الحشوية الزالَّة في مهاوي الجهل أقدامهم ..» إلى أن يقول: «ورَسَمَ عليَّ هذا الأمر المطاع أن أورد على كلام هذا المتكلم ما يبين الحق من الباطل، ويتميز به الصحيح من السقيم، فبادرت إلى امتثال رسمه ..».
  وبطريقةٍ ما اطلع الفقيه ابن أبي الخير على كتاب القاضي (الدامغ للباطل)، فصنف في الرد عليه كتاب (الانتصار في الرد على القدرية الأشرار)، ولم يقتصر فيه على الرد على القاضي جعفر وما تضمنه كتابه (الدامغ)، بل أدخل فيه الكلام في مسائل أخرى من باب التوحيد والتعديل، وضمنه الكلام على الأشعرية والخوارج والروافض، إضافة إلى القدرية والمعتزلة بزعمه. واطلع القاضي جعفر على (الانتصار) فصنف في الرد عليه كتاب (إنارة السراج)، حسبما يفهم مما أورده صاحب (المستطاب)، وهو الوحيد الذي ذكر هذا الكتاب فيما أعلم.
  هذا مجمل ما وجدته عن أحداث زيارة القاضي جعفر (إب)، ويتحصل منه أن الكتب التي ألفها القاضي في هذه الزيارة اثنان فقط: (الدامغ للباطل من مذهب الحنابل) و (إنارة السراج)، لكن صاحب (المستطاب) يذكر كتباً أخرى كانت ردوداً على أهل السنة، حيث قال وهو يعدد مؤلفات القاضي جعفر: