الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[فيما اتفق عليه الزيدية في الأجسام والأعراض الضرورية، ومخالفة المطرفية في ذلك]

صفحة 60 - الجزء 1

  على أن جميع أفعاله سبحانه حكمة وصواب.

  فلَمَّا قرت قواعد هذا الإجماع وقع بينهم خلاف في هذه الحوادث الكريهة، كالبرد والجراد والجرب والجذام:

  فقالت فرقةٌ: جميع ذلك فعل الله سبحانه؛ لأنها أجسام أو أعراض ضرورية، وقد أجمعنا على أن جميع ذلك فعل له تعالى.

  وقالوا مع ذلك: إن الله تعالى قد أراد جميع ما حصل من هذه الأفعال؛ لأنا قد أجمعنا على أن جميع أفعاله إرادة له تعالى ومراد.

  وقالوا مع ذلك بأن جميع ذلك حكمة وصواب؛ لأنا قد أجمعنا على أن جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب.

  وقالت الفرقة الثانية بتنزيه الله سبحانه عن هذه الحوادث؛ لما فيها من الضرر الكريه؛ فنقضوا موضع الإجماع على أن جميع الأجسام والأعراض الضرورية فعله تعالى.

  وربما يقول بعضهم: إن ذلك فعل الله سبحانه، ويقول: لم يرد تعالي حصول شيء من ذلك؛ فنقض إجماعه على أن جميع أفعال الله تعالى إرادة له ومراد.

  وقالوا: إن ذلك ليس بحكمة ولا صواب؛ فنقضوا إجماعهم على أن جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب.

  وعلى العاقل أن يلتزم بمواضع الإجماع الذي تظهر صحته، فما كان من الأقوال المختلفة موافقاً لمواضع الإجماع أخذ به، وما كان مخالفاً لمواضع الإجماع تركه؛ ليكون من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ