الإحياء على شهادة الإجماع
الإحياء على شهادة الإجماع
  
  الحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله
  إذا زعم الْمُطَرَّفِيُّ أنه يُنزِّه الله سبحانه عن هذه الآفات النازلة بالخلق في النفوس والأموال، نحو: مرض الأجساد وعللها بالجذام والبرص وغيرهما من الأمراض والعلل، ونحو موت الأولاد ونقصان الثمار بالبَرَد والرياح وما جرى هذا المجرى.
  قيل له: ألست توافق أن جميع الأجسام والأعراض الضرورية فِعْلُ الله سبحانه؟ فإن قال: لا أوافق على ذلك، بل أنفي جميعها عن الله سبحانه. لَحِقَ بالملحدة من كل وجه، وظهر عناده للناس كلهم، وكانت الدلالة على حدوث هذه الأشياء، وأن لها محدثاً، وأن محدثها لا يجوز أن يكون سوى الله - يبطل قوله هذا.
  وإن وافق على نسبة بعضها إلى الله سبحانه ونفي بعضها عنه، نحو أن يقول: ما كان من الأجسام شَوِيْهاً كريهاً أو من الأعراض الضرورية مَضَرَّةً واقعةً بالخلق فليس من فعل الله سبحانه، وما كان حسناً نافعاً فهو فعْل الله سبحانه - لَحِقَ في ذلك بالمجوس والثنوية(١)؛ لأن هذا مذهبهم، وظهر عناده
(١) المجوس: فرقة من الثنوية، يقولون بصانعين: «يزدان»، وهو فاعل الخير، وهو الله تعالى. و «أهرِمَن»، وهو الشيطان فاعل الشر. ويقولون بقدم الشيطان مع الله، وإنهما =