[في قولهم: إن على المكلف معرفة الحق من الباطل]
  تقولون إذا اجتمع جماعة قد تساوت أحوالهم، هل تكون لأحسنهم وجهاً أم لا؟ فإن قالوا: تكون له. خرجوا من مذهبهم في أنها فِعْلَهُ أو جَزَاءً على فعْلِهِ؛ إذ لو كانت فعْلا له أو جزاء على فعْلِهِ لما صح أن يختص بها حَسَنُ الوجهِ، مع أن حُسْنَ الوجه لا تأثير له في باب الأعمال ولا الجزاء عليها.
  وإن قالوا: لا تكون لأحسنهم وجهاً. خرجوا أيضاً من مذهبهم، بل من مذاهب الأئمة $، فإن المأثور عندهم أنها تكون عند تساويهم في الخصال لأحسنهم وجهاً.
[في قولهم: إن على المكلف معرفة الحق من الباطل]
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أنه يجب على المكلف أن يتعلم حتى يعرف الحق من الباطل، فما تقولون أيجب عليه أن ينظر فيما يقول مخالفكم وفيما تقولونه حتى يعرف الصحيح من السقيم؟ فإن قالوا: لا يجب ذلك على أحد. خرجوا من مذهبهم الذي يُعَلِّمُونَهُ الناس من أول الزمان.
  وإن قالوا: نعم يجب ذلك عليه. خرجوا مما يذهبون إليه في هذا الزمان، وقيل لهم: فما بالكم تنكرون على مَنْ أحبَّ أن يسمع من غيركم كما سمع منكم حتى ينظر ويتبع الأحسن من الأقاويل؟
  فإن قالوا: لأنا على يقين ما نحن فيه، فلا نلتفت إلى غيره. قيل لهم: فما تقولون في مخالفكم من الْمُجبرة وغيرهم إذا قالوا لكم مثل ما قلتموه، وقابلكم بأني على يقين، فلا ألتفتُ إلى قولكم؟ فإن قبلتم منه ذلك خرجتم من مذهبكم؛ لأنكم لا ترضون من أحدٍ بذلك.
  وإن قلتم: يجب عليه أن يبحث وينظر فيما عندكم، فما بال من هو على مذهبكم لا يلزمه أيضاً أن يبحث كما يجب ذلك على مخالفكم؟ وهل هذا إلا