الصفحتان المربكتان من كتاب الإحياء
  قولكم فيها أهي شيء واحد أم أشياء كثيرة؟ فإن قالوا: شيء واحد. خرجوا من مذهبهم أنها جمع صفة.
  وإن قالوا: [هي] أشياء كثيرة. خرجوا من مذهبهم في أنها ذاته الواحدة التي هي الواحد.
  ثم يقال لهم: إذا كانت هذه الصفات هي ذاته عندكم، فهل يُجْزِئُ ذِكْرُ هذه الذات ومعرفتها والتعليل [بها] عن ذكر هذه الصفات ومعرفتها والتعليل بها؛ حتى يصح أن يقال: إنه سبحانه عالم لذاته قادر لذاته حي لذاته أم لا يُجْزِئُ عن ذلك، ولا تغني معرفة العالم القادر الحي عن معرفة(١) العلم والقدر والحياة؟
  فإن قالوا: إن معرفة الذات والذكر والتعليل بها يُجْزِئُ. خرجوا من مذهبهم في إثبات هذه الصفات، وجاز الاقتصار على إثبات ذات عالماً قادراً حياًّ، ومعلوم أنهم لا يرضون بذلك، بل يسومون كل أحد ممن قال: إن الله سبحانه عالم قادر حي قديم أن يُثْبِتَ صفاتٍ هي علم وقدرة وحياة وقدم.
  وإن قالوا: إن ذلك لا يُجْزِئُ. خرجوا من مذهبهم أن صفاته هي ذاته؛ إذ لو كانت ذاته لقنعوا ممن أثبته سبحانه عالماً قادراً حياًّ قديماً بذلك ولم يطالبوا بشيء آخر.
  والسلام على من اتبع الهدى.
  ***
(١) نهاية ١٤٢ أ (ك).