الصفحتان المربكتان من كتاب الإحياء
الصفحتان المربكتان من كتاب الإحياء
  «... قولكم في هذه الصفات أهي عالِمة قادرة حية أم لا؟
  فإن قالوا: هي كذلك. خرجوا من مذهبهم في أن الصفات لا توصف، ولزمهم أن تكون هذه الصفات التي تبلغ إلى مقدار أربعين صفة - أربعين إلهاً؛ لأن كل واحدة منها عالمة قادرة حية قديمة.
  وإن قالوا: لا توصف هذه الصفات بذلك. خرجوا من مذهبهم في أنها هي الذات؛ لأن الذات توصف بذلك، فكيف لا توصف الصفات مع أن الصفات هي الذات؟! وهذه مناقضة بينة.
  ثم يقال لهم: إذا قلتم: إن الصفات لا توصف، فما تقولون فيها أهي قديمة أم لا؟ فإن قالوا: قديمة. خرجوا من مذهبهم في أن الصفات لا توصف؛ لأن هذه صفات وقد وصفوها بأنها قديمة.
  وإن قالوا: ليست قديمة. خرجوا من مذهبهم في أنها قديمة.
  ثم يقال لهم: لِمَ وصفتموها بأنها قديمة؟ فإن قالوا: لنفي الحدوث عنها. قيل لهم: فصفوها بأنها قادرة عالمة حية لنفي العجز والجهل والموت عنها؛ وإذا امتنعتم من وصفها بذلك فامتنعوا من وصفها بالقدم أيضا.
  فإن قالوا: إنما وصفناها بأنها قديمة لأنها هي ذات البارئ سبحانه، ولا شك أن ذاته قديمة. قيل لهم: فصفوها بأنها عالِمة وقادرة وحية لما ذكرتم من أنها ذاته، وذاته قادرة عالمة حية.
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن له سبحانه صفات تُثَنَّى وتُجْمَع، فما